• القسم : سيرة النبي والأئمة (ع) .
        • الموضوع : سِيْرَةُ الإِمَامِ جَعْفَر الصَّادق (عليه السلام) .

سِيْرَةُ الإِمَامِ جَعْفَر الصَّادق (عليه السلام)

مَوْلِدُ الإِمَام جَعْفَر الصَّادِق(ع)

وُلد الإمام الصادق(ع) في المدينة المنورة في السابع عشر من شهر ربيع الأول عام ثمانين للهجرة، وقيل عام ثلاثة وثمانين، ووُلدت مع ولادته إشراقة جديدة من إشراقات القرن الأول الهجري حيث عمّ فضله أرجاء العالَم الإسلامي ونهل من معين علمه آلاف العلماء الذين كانوا يحدّثون عنه وينقلون تعاليمه.

أُمُّ الإِمَامِ الصَّادِقِ(ع)

هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وقد وصفها ولدها الصادق(ع) بقوله: وكانت أمي ممن آمنت واتقت وأحسنت ، والله يحب المحسنين :

نَشْأَةُ الإِمَامِ الصَّادِقِ(ع)

لقد شابهت نشأته نشأة أبيه من حيث التربية وتلقّي العلوم في بيت الوحي والنبوة والإمامة وكل صفات الخير، فقد لازم جده زين العابدين(ع) مدة خمسة عشرة سنة، وكانت فترة غنية بالعلم والمعرفة وزاد الآخرة، وكذا عاصر أباه الباقر أربعة وثلاثين سنة شابهت المدة التي عاشها مع جده من جميع النواحي الراقية.

لقد نشأ الصادق في ذلك البيت الرسالي ورأى بأم عينه كل ما كان يدور حول هذا البيت من فتن ومحن ومصائب ابتدعها أصحاب المطامع الدنيوية، فلقد عاين قتل جده بالسم بعد الظلم الكبير الذي أنزله به الجبابرة من عتاة العرب، ورأى مدى الظلم الذي حلّ بأبيه لا لذنب ارتكبه إلا لأنه أراد لكلمة الله تعالى أن تعلو في هذه الحياة.

أَلْقَابُهُ(ع)

عن المفضل عن الثمالي ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده (ع)قال : قال رسول الله (ص): إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسموه الصادق ، فإنه سيكون في ولده سمي له ، يدعي الإمامة بغير حقها ، ويسمى كذابا.

و في مناقب ابن شهرآشوب : كان الصادق (ع)ربع القامة ، أزهر الوجه ، حالك الشعر جعد أشم الانف ، أنزل رقيق البشرة ، دقيق المسربة ، على خده خال أسود ، وعلى جسده خيلان حمرة وكان اسمه جعفر ، ويكنى أبا عبد الله وأبا إسماعيل ، والخاص أبو موسى ، وألقابه : الصادق ، والفاضل ، والطاهر ، والقائم ، والكافل ، والمنجي وإليه تنسب الشيعة الجعفرية ، ومسجده في الحلة .

وفي كشف الغمة : قال محمد بن طلحة : اسمه (ع)جعفر ، وكنيته أبو عبد الله وقيل : أبو إسماعيل ، وله ألقاب أشهرها الصادق ، ومنها الصابر ، والفاضل والطاهر .

أَوْلادُ الإِمَامِ الصَّادِقِ(ع)

جاء في كتاب الإرشاد كان لأبي عبد الله (ع)عشرة أولاد : إسماعيل وعبد الله ، وأم فروة أمهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وموسى (ع)وإسحاق ، ومحمد ، لام ولد ، والعباس ، وعلي وأسماء وفاطمة لأمهات أولاد شتى وكان إسماعيل أكبر إخوته ، وكان أبو عبد الله (ع)شديد المحبة له ، والبر به والاشفاق عليه وكان قوم من الشيعة يظنون أنه القائم بعد أبيه ، والخليفة له من بعده ، إذ كان أكبر أخوته سنا ، ولميل أبيه إليه ، وإكرامه له ، فمات في حياة أبيه (ع)بالعريض وحمل على رقاب الرجال إلى أبيه بالمدينة ، حتى دفن بالبقيع .

كَلامُهُ(ع) عِنْدَ وَفَاةِ وَلَدِهِ إِسْمَاعِيْل

عن عنبسة بن بجاد العابد قال : لما مات إسماعيل ابن جعفر بن محمد (ع)وفرغنا من جنازته ، جلس الصادق جعفر بن محمد (ع)وجلسنا حوله وهو مطرق ، ثم رفع رأسه فقال : أيها الناس إن هذه الدنيا دار فراق ، ودار التواء ، لا دار استواء ، على أن لفراق المألوف حرقة لا تدفع ، ولوعة لا ترد ، وإنما يتفاضل الناس بحسن العزاء ، وصحة الفكرة ، فمن لم يثكل أخاه ثكله أخوه ، ومن لم يقدم ولدا كان هو المقدم دون الولد ، ثم تمثل عليه السلام بقول أبي خراش الهذلي يرثي أخاه : ولا تحسبي أني تناسيت عهده * ولكن صبري يا أميم جميل .

وعن أبي كهمس قال : حضرت موت إسماعيل ، و أبو عبد الله (ع)عنده ، فلما حضره الموت شد لحييه وغمضه ، وغطاه بالملحفة ، ثم أمر بتهيئته ، فلما فرغ من أمره دعا بكفنه وكتب في حاشية الكفن : إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله .

النَّصُّ عَلَيْهِ بِالخِلافَة

في عيون أخبار الرضا(ع) عن أبي نضرة قال : لما احتضر أبو جعفر محمد بن علي الباقر (ع)عند الوفاة ، دعا بابنه الصادق (ع)ليعهد إليه عهدا فقال له أخوه زيد بن علي (ع): لو امتثلت في تمثال الحسن والحسين (ع)رجوت أن لا تكون أتيت منكرا فقال له : يا أبا الحسين إن الأمانات ليست بالمثال ، ولا العهود بالرسوم ، وإنما هي أمور سابقة عن حجج الله عز وجل .

وعن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) قال : لما حضرت أبي الوفاة قال : يا جعفر أوصيك بأصحابي خيرا . قلت : جعلت فداك والله لأدعنهم والرجل منهم يكون في المصر فلا يسأل أحدا .

عِلْمُ الإِمَامِ الصَّادِقِ(ع)

لا يمكن أن نقيس تحصيل علومنا بتحصيل المعصومين لها فإن هناك أموراً غيبية يتلقون منها معارفهم لم ندرك بعدُ حقيقة تلك الحقيقة، ولكن غاية الأمر عندنا أننا نؤمن بكون الأئمة المعصومين(ع) هم أعلم خلق الله على الإطلاق، وتاريخهم المشرق يشهد بذلك بل إن أعداءهم يشهدون به قبل أحبائهم ومواليهم.

فعن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله (ع)قال كنت عنده فذكروا سليمان وما أعطى من العلم وما اوتى من الملك فقال لي وما أعطى سليمان بن داود إنما كان عنده حرف واحد من الاسم الأعظم وصاحبكم الذي قال الله قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب و كان والله عند علي (ع)علم الكتاب فقلت صدقت والله جعلت فداك .

وعن محمد بن سليمان بن سدير قال كنت انا وأبو بصير وميسر ويحيى البزاز وداود الرقي في مجلس أبى عبد الله (ع)إذ خرج إلينا وهو مغضب فلما اخذ مجلسه قال يا عجبا لأقوام يزعمون انا نعلم الغيب وما يعلم الا الله لقد هممت بضرب خادمتي فلانة فذهبت عنى فما عرفتها في أي بيوت الدار هي فلما ان قام من مجلسه وصار من منزله دخلت انا وأبو بصير وميسر على أبى عبد الله (ع)فقلنا له جعلنا فداك سمعنا تقول كذا وكذا في امر خادمتك ونحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا ولا ننسبك إلى علم الغيب قال فقال يا سدير ما تقرأ القرآن قال قلت قرأناه جعلت فداك قال فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله قال الذي عنده علم من الكتاب انا اتيك به ما كان عنده من علم الكتاب قال قلت فأخبرني حتى اعلم قال قدر قطرة من المطر الجود في البحر الأخضر ما يكون ذلك من علم الكتاب قال قلت جعلت فداك ما أقل هذا قال يا سدير ما أكثره ان لم ينسبه إلى العلم الذي أخبرك يا سدير فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب كله قال وأومأ بيده إلى صدره فقال علم الكتاب كله والله عندنا ثلثا .

مِنْ مَزَايَا مَوْلانَا الصَّادِقِ(ع)

لا يمكن لأي شخص عادي أن يحيط بوصف واحد من أهل بيت العصمة مهما كان حذقاً ومجتهداً وملماً بأحوالهم، وحالنا تجاه أهل البيت(ع) حال قول الشاعر: حفظتَ شيئاً وغابت عنك أشياءُ.

فعن محمد بن زياد الأزدي قال : سمعت مالك بن أنس فقيه المدينة يقول : كنت أدخل إلى الصادق جعفر بن محمد (ع)فيقدم لي مخدة ، ويعرف لي قدرا ويقول : يا مالك إني أحبك ، فكنت أسر بذلك وأحمد الله عليه ، قال : وكان (ع)رجلا لا يخلو من إحدى ثلاث خصال : إما صائما ، وإما قائما ، وإما ذاكرا ، وكان من عظماء العباد ، وأكابر الزهاد الذين يخشون الله عز وجل ، وكان كثير الحديث ، طيب المجالسة ، كثير الفوائد ، فإذا قال : قال رسول الله (ع)اخضر مرة ، واصفر أخرى حتى ينكره من كان يعرفه ، ولقد حججت معه سنة فلما استوت به راحلته عند الاحرام ، كان كلما هم بالتلبية انقطع الصوت في حلقه ، وكاد أن يخر من راحلته فقلت : قل يا ابن رسول الله ، ولابد لك من أن تقول ، فقال : يا ابن أبي عامر كيف أجسر أن أقول : لبيك اللهم لبيك ، وأخشى أن يقول عز وجل لي : لا لبيك ولا سعديك .

وعن أبي محمد ، عن آبائه عن موسى بن جعفر (ع)قال : نعي إلى الصادق جعفر بن محمد (ع)ابنه إسماعيل ابن جعفر ، وهو أكبر أولاده ، وهو يريد أن يأكل وقد اجتمع ندماؤه ، فتبسم ثم دعا بطعامه ، وقعد مع ندمائه ، وجعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيام ، ويحث ندماءه ، ويضع بين أيديهم ، ويعجبون منه أن لا يروا للحزن أثرا ، فلما فرغ قالوا : يا ابن رسول الله لقد رأينا عجبا أصبت بمثل هذا الابن ، وأنت كما نرى ؟ ! قال : وما لي لا أكون كما ترون ، وقد جاءني خبر أصدق الصادقين أني ميت وإياكم إن قوما عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم ، ولم ينكروا من تخطفه الموت منهم وسلموا لأمر خالقهم عز وجل .

وكان للصادق (ع)ابن فبينا هو يمشي بين يديه إذ غص فمات ، فبكى وقال : لئن أخذت لقد أبقيت ، ولئن ابتليت لقد عافيت ثم حمل إلى النساء ، فلما رأينه صرخن ، فأقسم عليهن أن لا يصرخن ، فلما أخرجه للدفن قال : سبحان من يقتل أولادنا ولا نزداد له إلا حبا ، فلما دفنه قال : يا بني وسع الله في ضريحك ، وجمع بينك وبين نبيك وقال (ع): إنا قوم نسأل الله ما نحب فيمن نحب فيعطينا ، فإذا أحب ما نكره فيمن نحب رضينا .

وعن عمرو بن خالد قال : قال زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب (ع): في كل زمان رجل منا أهل البيت ، يحتج الله به على خلقه ، و حجة زماننا ابن أخي جعفر بن محمد ، لا يضل من تبعه ، ولا يهتدي من خالفه .

عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا ، عن أبيه ، أن جده (ع)قال : دخل عمرو بن عبيد البصري على أبي عبد الله (ع)فلما سلم وجلس عنده تلا هذه الآية قوله " الذين يجتنبون كبائر الاثم " ثم سأل عن الكبائر فأجابه عليه السلام فخرج عمرو بن عبيد وله صراخ من بكائه ، وهو يقول : هلك والله من قال برأيه ، و نازعكم في الفضل والعلم .

وعن النوفلي قال : سمعت مالك بن أنس الفقيه يقول : والله ما رأت عيني أفضل من جعفر بن محمد (ع)زهدا وفضلا وعبادة وورعا ، وكنت أقصده فيكرمني ويقبل علي فقلت له يوما : يا ابن رسول الله ما ثواب من صام يوما من رجب إيمانا واحتسابا ؟ فقال : - وكان والله إذا قال صدق - حدثني أبي عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله (ص): من صام من رجب يوما إيمانا واحتسابا غفر له...

وعن معلى بن خنيس قال : خرج أبو عبد الله (ع)في ليلة قد رشت السماء وهو يريد ظلة بني ساعدة ، فاتبعته فإذا هو قد سقط منه شئ فقال : بسم الله اللهم رده علينا قال : فأتيته فسلمت عليه فقال : معلى ؟ قلت : نعم جعلت فداك فقال لي : التمس بيدك فما وجدت من شئ فادفعه إلي ، قال : فإذا أنا بخبز منتشر ، فجعلت أدفع إليه ما وجدت فإذا أنا بجراب من خبز فقلت : جعلت فداك أحمله علي عنك فقال : لا أنا أولى به منك ، ولكن امض معي قال : فأتينا ظلة بني ساعدة ، فإذا نحن بقوم نيام فجعل يدس الرغيف والرغيفين تحت ثوب كل واحد منهم حتى أتى على آخرهم ثم انصرفنا فقلت : جعلت فداك يعرف هؤلاء الحق ؟ فقال : لو عرفوا لواسيناهم بالدقة ، والدقة هي الملح .

رُوَاةُ الإِمَامِ الصَّادِقِ(ع)

لقد أسس الإمام الصادق(ع) مدرسة أهل البيت الكبرى لأن الظروف السياسية التي أحاطت به آنذاك سمحت له بنشر العلم بحرية حيث كان الأمويون يحاولون الحفاظ على وجودهم، والعباسيون يحاولون فرض أنفسهم، وكلاهما كان يريد رضا الإمام عنه، وقد ذكر المؤرخون بأن آلافاً من الرواة رووا آلاف الأحاديث عن الصادق(ع) في مختلف الأبواب الفقهية والعلمية وغيرهما من أنواع المعارف.

جاء في مناقب ابن شهراشوب: ينقل عن الصادق عليه السلام من العلوم ما لا ينقل عن أحد ، وقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة من الثقاة على اختلافهم في الآراء والمقالات ، وكانوا أربعة آلاف رجل . بيان ذلك أن ابن عقدة صنف كتاب الرجل لأبي عبد الله (ع)عددهم فيه وكان حفص بن غياث إذا حدث عنه قال : حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد ، وكان علي بن غراب يقول : حدثني الصادق جعفر بن محمد .

وفي حلية أبي نعيم إن جعفر الصادق (ع)حدث عنه من الأئمة والاعلام : مالك ابن أنس ، وشعبة بن الحجاج ، وسفيان الثوري ، وابن جريج ، وعبد الله بن عمرو وروح بن القاسم ، وسفيان بن عيينة ، وسليمان بن بلال ، وإسماعيل بن جعفر ، وحاتم ابن إسماعيل ، وعبد العزيز بن المختار ، ووهيب بن خالد ، وإبراهيم بن طهمان في آخرين قال : وأخرج عنه مسلم في صحيحه محتجا بحديثه .

وروى عنه مالك ، والشافعي ، والحسن بن صالح ، وأبو أيوب السختياني ، وعمر بن دينار ، وأحمد بن حنبل ، وقال مالك بن أنس : ما رأت عين ولا سمعت اذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق فضلا وعلما وعبادة وورعا .

وجاء أبو حنيفة إليه ليسمع منه ، وخرج أبو عبد الله يتوكأ على عصا فقال له أبو حنيفة : يا ابن رسول الله ما بلغت من السن ما تحتاج معه إلى العصا قال : هو كذلك ولكنها عصا رسول الله أردت التبرك بها ، فوثب أبو حنيفة إليه وقال له : اقبلها يا ابن رسول الله ؟ فحسر أبو عبد الله عن ذراعه وقال له : والله لقد علمت أن هذا بشر رسول الله (ع)وأن هذا من شعره فما قبلته وتقبل عصا ! .

وقال أبو جعفر الطوسي : كان إبراهيم بن أدهم ومالك بن دينار من غلمانه ودخل إليه سفيان الثوري يوما فسمع منه كلاما أعجبه فقال : هذا والله يا ابن رسول الله الجوهر ، فقال له : بل هذا خير من الجوهر ، وهل الجوهر إلا حجر .

الحَرَكَةُ الفِكْرِيَّةُ فِيْ زَمَنِ الصَّادق(ع) وَجَامِعَةُ أَهْلِ البَيْت(ع)

سعى الأمويون، ومن ورائهم العباسيون، في القضاء على أهل البيت وطاردوا شيعتهم في كل مكان، وكان الناس يتداولون الروايات عن أهل البيت سرّاً، وعندما أتيحت الفرصة للإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) انصرفا إلى نشر علوم الدين، وقد اتّسم العصر الذي عاشه الإمام بظهور الحركات الفكرية، ووفور الآراء الاعتقادية الغربية إلى المجتمع الإسلامي، وأهمها عنده هي حركة الغلاة الهدّامة، الذين تطلّعت رؤوسهم في تلك العاصفة الهوجاء إلى بثْ روح التفرقة بين المسلمين، وترعرعت بنات أفكارهم في ذلك العصر ليقوموا بمهمّة الانتصار لمبادئهم التي قضى عليها الإسلام، فقد اغتنموا الفرصة في بثّ تلك الآراء الفاسدة في المجتمع الإسلامي، فكانوا يبثّون الأحاديث الكاذبة ويسندونها إلى حملة العلم من آل محمّد، ليغرّروا به العامّة، فكان المغيرة بن سعيد يدّعي الاتّصال بأبي جعفر الباقر، ويروي عنه الأحاديث الـمـكـذوبة, فأعلن الامام ‌الصادق كذبه والبراءة منه، وأعطى لأصحابه قاعدة في الأحاديث التي تروى عنه فقال: «لا تقبلوا عليناً حديثا إلا ما وافق القرآن والسنّة , أو تجدون معه شاهداً من أحاديثنا المتقدّمة».

ثم إن الإمام قام بهداية الأمّة إلى النهج الصواب في عصر تضاربت فيه الاراء والأفكار, و اشتعلت فيه نار الحرب بين الأمويّين ومعارضيهم من العباسيّين , ففي ‌تلك الظروف الصعبة و القاسية استغلّ الإمام الفرصة فـنـشر من أحاديث جدّه، وعلوم آبائه ما سارت به الركبان, وتربّى على يديه آلاف من المحدّثين والـفـقـهـاء ولـقـد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه من الثقاة ـ على اختلافآرائهم ومقالاتهم ـ فكانوا أربعة آلاف رجل وهذه سمة امتاز بها الامام الصادق ‌عن غيره من الأئمّة ـ عليه و عليهم السلام.

إن الإمام(ع) شرع بالرواية عن جدّه و آبائه عندما اندفع المسلمون إلى تدوين أحاديث ‌النبي(ص) بعد الغفلة الـتـي استمرّت إلى عام 143للهجرة حيث اختلط آنذاك ‌الحديث الصحيح بالضعيف وتسرّبت إلـى الـسـنـة , العديد من الروايات الإسرائيلية ‌الموضوعة من قبل اعداء الإسلام بالإضافة إلى ‌المختلقات والمجعولات على يد علماء السلطة ومرتزقة البلاط الأموي.

ومن هنا فقد وجـد الإمام أن أمر السنّة النبوية قد بدأ يأخذ اتّجاهات خطيرة ‌وانحرافات واضحة، فـعـمد(ع) للتصدّي لهذه الظاهرة الخطيرة , وتفنيد الآراء الدخيلة على الإسلام والتي تسرّب الكثير منها نتيجة الاحتكاك الفكري والعقائدي بين المسلمين وغيرهم.

إن تلك الفترة شكّلت تحدّيا خطيراً لوجود السنة النبوية، وخلطاً فاضحاً في كثير من ‌المعتقدات , لذا فإن الإمام(ع) كان بحقّ سفينة النجاة من هذا المعترك العسر.

إن علوم أهل البيت متوارثة عن جدّهم المصطفى الذي أخذها عن الله تعالى بواسطة الأمين جبرئيل، فلا غرو أن تجد الأمة ضالّتها فيهم، وتجد مرفأ الأمان في هذه اللجج العظيمة، ففي ذلك الوقت، حيث أخذ كلّ يحدّث عن مجاهيل ونكرات ورموز ضعيفة ومطعونة، أو أسانيد مشوّشة، تجد أن الإمام الصادق يقول: «حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدّي، وحديث جدّي حديث علي بن أبي طالب، وحديث عليّ حديث رسول الله، وحديث رسول الله قول الله عزّ وجلّ.

فتأسّست بذلك على يديه جامعة إسلامية كبرى تضمّ أكثر من أربعة آلاف عالم تخرّجوا على يديه، في علوم الدين والرياضيات والكيمياء، وحتى الطب.

وكان جابر بن حيّان الكيميائي المشهور يبدأ مقالاته في هذا العلم بقوله: حدّثني سيّدي " جعفرُ بن محمدٍ الصادق(ع) ".

كان الإمام الصادق يحترم العلماء المؤمنين ويشجّعهم ويوضّح لهم الطريق الصحيح للبحث والحوار لخدمة الدين وتعميق أساس الإيمان، وكان يشعر بالحزن لدى رؤيته المنحرفين الضالّين الذين يسعون إلى بلبلة عقائد الناس ونشر الضلال.

واجتمع أربعة من هؤلاء الضالّين في مكة وراحوا يسخرون من الحُجّاج وهم يطوفون بالكعبة، ثم اتّفقوا على نقض القرآن بتأليف كتابٍ مثله، فتعهّد كلّ واحد منهم بربع القرآن، وقالوا ميعادنا العام القادم.

ومرّ العام، واجتمعوا مرّة أخرى.

قال الأول: قضيت العام كلَّه أفكّر في هذه الآية: (فلّما استيأسوا خلصوا نجيّاً)وقد حيّرتني فصاحتها وبلاغتها.

قال الثاني: فكّرت في هذه الآية: (يا أيها الناس ضُرِب مثلٌ فاستمعوا له إنّ الذين يدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له } فلم أقدر أن آتي بمثلها).

وقال الثالث: وأنا فكّرت في هذه الآية: (لو كان فيهما آلهة إلاّ الله لفسدتا) فلم أستطع أن آتي بمثلها.

وقال الرابع: انه ليس من صنع البشر.

لقد قضيت العام كلّه أفكّر في هذه الآية: (وقيل يا أرض ابلعي ماءكِ ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقُضي الأمر واستوت على الجوديّ وقيل بُعداً للقوم الظالمين).

ومرّ بهم الإمام الصادق(عليه السلام) فنظَر إليهم وتلا قوله تعالى: (لئن اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً).

الرَّحْمَةُ فِيْ التِّجَارَةِ والرِّبْح عِنْدَ الصَّادق(ع)

دعا الإمام مولى له اسمه " مصادف " وأعطاه ألف دينار ليتاجر بها، وقال له: تجهّز حتى تخرج إلى مصر، فإنّ عيالي قد كثروا، فتجهَّز وخرج مع قافلة التجار إلى مصر، فصادفتْهم قافلة خرجتْ من مصر تريد العودة، فسألوهم عن البضاعة وحاجة الناس هناك، فأخبروهم أنّه ليس في مصر منه شيء، فاتّفق التجار ومعم (مصادف) على ربح فاحش على بضاعتهم، فلما وصلوا مصر عرضوا بضائعهم بربح مئة بالمئة وباعوا على ذلك، ثم عادوا إلى المدينة.

ودخل مصادف على الإمام الصادق وهو يحمل كيسين ؛ في كل واحد ألف دينار، وقال للإمام: يا سيدي هذا رأس المال وهذا ربحه، فقال الإمام: هذا ربح كثير، كيف ربحته؟ فحدثه مصادف بحاجة بلاد مصر إلى بضائعهم وكيف اتفق التجار على استغلال هذه الحاجة، وتحالفهم عن أن يكون ربح كل دينارٍ ديناراً، فتأثر الإمام وقال مستنكراً: سبحان الله ! تتحالفون على قوم مسلمين إلاّ تبيعوهم إلاّ ربح الدينار ديناراً.

أخذ الإمام رأس المال فقط، وقال: هذا مالنا ولا حاجة لنا في ربحه، ثم قال: يا مصادف مجالدة السيوف أهون من طلب الحلال.

المَذْهَبُ الجَعْفَرِيّ

انتشر مذهب أهل البيت(عليهم السلام) في زمن الإمام الصادق(ع) وأصبح له أتباع كثيرون، حتى أطلق الناس على مذهب التشيع اسم المذهب الجعفري نسبة إلى جعفرٍ الصادق(ع).

وبالطبع لا يختلف المذهب الجعفري، فهو مذهب علي والحسن والحسين(ع)

لقد أوصى رسول الله المسلمين بكتاب الله وعترته (أهل البيت) ولكن المسلمين غفلوا عن وصية النبي فغصب المنحرفون حقّهم، وانتشر الفساد والظلم،وكان الحكام يطاردون آل النبي وشيعتهم، بل تجرّأوا على قتلهم وارتكاب أبشع الجرائم بحقّهم كما حصل في كربلاء.

وأدرك الناس أنّهم قد خسروا خسارة كبرى بتضييع وصية الرسول (ص)، ولكنهم كانوا يخافون سطوة الحاكمين، حتى كان بعضهم يخفي ولاءه لأهل البيت خوفاً على حياته.

فالمذهب الجعفري هو مذهب الإسلام بل هو عين الإسلام الذي جاء به محمد رسول الله(ص) من عند ربه سبحانه، فلا يوجد فرق بين المذهب الجعفري والسنّة النبوية المطهّرة لأن هذا المذهب هو الذي أخذ من السنّة مباشرة بعد كتاب الله العزيز.

الإِمَامُ الصَّادِقُ(ع) مَع هِشَامِ بنِ الحَكَم

كان عند الإمام الصادق (ع)جماعة من أصحابه ، فيهم هشام بن الحكم وهو شاب ، فقال الإمام (ع): يا هشام !

قال : لبيك يا ابن رسول الله .

قال (ع): ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته ؟

قال هشام : جعلت فداك يا ابن رسول الله ، إني أُجِلُّكَ واستحييك ، ولا يعمل لساني بين يديك .

فقال (ع): إذا أمرتكم بشيء فافعلوه .

قال هشام: بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة ، فعظم ذلك عليَّ فخرجت إليه ، ودخلت البصرة يوم الجمعة .

وأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة ، وإذا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء مؤتزر بها من صوف وشملة مرتدٍ بها ، والناس يسألونه .

فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ثم قلت :

أيها العالم ! أنا رجل غريب ، أتأذن لي فأسألك عن مسألة ؟

قال عمرو بن عبيد : سَلْ .

قلت له : أَلَكَ عين ؟ قال عمرو : يا بني أي سؤال هذا ؟!!

فقلت : هذه مسألتي . فقال عمرو : يا بني ، سَلْ ، وإن كانت مسألتك حمقاء .

قلت : أجبني فيها . قال : نعم .

قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أرى بها الألوان والأشخاص .

قلت : أَلَكَ أنف ؟ قال : نعم .

قلت : فما تصنع به ؟ قال : أَشَمُّ به الرائحة .

قلت : أَلَكَ لسان ؟ قال : نعم .

قلت : فما تصنع به ؟ قال : أتكلم به .

قلت : أَلَكَ أذن ؟ قال : نعم .

قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أسمع بها الأصوات .

قلت : أَلَكَ يدان ؟ قال : نعم .

قلت : فما تصنع بهما ؟ قال : أبطش بهما ، وأعرف بهما اللَّيِّن من الخشن .

قلت : أَلَكَ رجلان ؟ قال : نعم .

قلت فما تصنع بهما ؟ قال : انتقل بهما من مكان إلى آخر .

قلت : أَلَكَ فَم ؟ قال : نعم .

قلت : فما تصنع به ؟ قال : أعرف به المطاعم والمشارب على اختلافها .

قلت : أَلَكَ قلب ؟ قال : نعم .

قلت : فما تصنع به ؟ قال : أُميِّز به كلما ورد على هذه الجوارح .

قلت : أفليسَ في هذه الجوارح غنىً عن القلب ؟ قال : لا .

قلت : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة ؟ قال : يا بني ، إن الجوارح إذا شكَّت في شيء شمَّتهُ أو رأتهُ أو ذاقَتْهُ ، ردَّته إلى القلب فَتَيَقَّنَ لها اليقينُ وأُبطِلَ الشك .

فقلت : فإنما أقام الله عزَّ وجلَّ القلب لشك الجوارح ؟ قال : نعم .

قلت : لا بد من القلب وإلا لم تستيقن الجوارح ؟ قال : نعم .

قلت : يا أبا مروان ، إن الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحكم حتى جعل لها إماماً يصحح لها الصحيح وينفي ما شكَّت فيه ، ويترك هذا الخلق كله في حيرتهم وشكِّهم واختلافهم ، لا يقيم لهم إماماً يردُّون إليه شكَّهم وحيرتهم ويقيم لك إماماً لجوارحك تَرِدُّ إليه حيرتك وشكك ؟!!

فسكت عمرو ولم يقل لي شيئاً ، ثم التفت إليَّ فقال لي : أنت هشام بن الحكم ؟

فقلت : لا . فقال لي : أَجَالَسْتَهُ ؟

فقلت : لا . قال عمرو : فمن أين أنت ؟

قلت : من أهل الكوفة . قال عمرو : فأنت إذاً هو ، ثمَّ ضمني إليه وأقعدني في مجلسه ، وما نطق حتَّى قمتُ ، فضحك الإمام الصادق (ع)ثم قال : يا هشام ، من علَّمَك هذا ؟!

قلت : يا ابن رسول الله ، جرى على لساني .

قال (ع): يا هشام ؟! هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى

الإمامُ الصَّادقُ(ع) وعِلْمُ الكِيْميَاء

يُعتبر الإمام الصادق (ع)صاحب مدرسة فكرية كبرى ، كان لها وجود عالمي ، وفضل كبير على الإسلام .

فالإمام الصادق (ع)طلب الحكمة ، وسعى لاكتشاف أسرارها ، وغاص في عميق معانيها ، وفجَّر الينابيع بطاقة العقل ، وصفاء النفس ، وأخذ بيد الإنسان وقاده إلى مناهل المعرفة ، بكلِّ ما فيها من عمق وشمول .

تطبّع الإمام الصادق (ع)بصفات الفضل ، ومحبة العلم ، وتعلَّم من جَدِّه (ص)أن يُطعِم حتى لا يبقى لعياله طعاماً ، وأن يكسو حتى لا تبقى لهم كسوة .

ولا بُدَّ لنا ونحن في رحاب الإمام الصادق (ع) من الوقوف قليلاً لإلقاء نظرة عابرة على علم الكيمياء ، ودور تلميذه جابر بن حيَّان الذي أخذ عنه هذا العلم ، وسعى إلى تطويره ، وإخراجه من الجمود ، والسحر ، والشعوذة ، والتدجيل ، والخرافات ، إلى علم يقوم على البحث والاختبار ، ويقود إلى خير الإنسانية ، وسعادتها .

يقول ابن النديم في الفهرست رداً على بعض المصادر المغرضة التي شكّكت في وجود جابر واعتبرته أسطورة وهمية :

الرجل له حقيقة ، وأمره أظهر وأشهر ، وتصنيفاته أعظم وأكثر ، ولهذا الرجل عدداً من الكتب في مذهب الشيعة .

وتؤكد المصادر أنَّ جابراً كان حقيقة وليس أسطورة ، وأنه عاش في النصف الأول من القرن الثامن للميلاد .

ويقول ابن النديم أيضاً : كان جابر بن حيَّان رياضياً ، وفيلسوفاً ، وكيميائياً ، وعالماً بالفلك ، وطبيباً .

له مؤلفات في المنطق ، والفلسفة ، وعلم الباطن ، وغَالى بعضهم فَنَسب إليه اختراع الجبر .

إن هذه الثقافة الموسوعية يصفها جابر في أنه تلقَّاها من سيده الإمام جعفر الصادق (ع)، ويردُّها جميعها إلى مُلهِمِه الذي يطلق عليه اسم ( معدن الحكمة)

ونقول : إنَّ لجابر مؤلفات عديدة في مختلف العلوم ، وقد تكون رسالته في التربية ، وبيان العلاقة بين المعلم والمتعلم أهم ما كتبه .

وتعتبر من روائع الآثار التربوية ، ففيها فصَّل جابر واجبات وحقوق كل من المدرِّس والتلميذ ، ويلتقي فيها مع أحدث الأساليب للدول الحضارية المتقدمة ، صاحبة الأولية في الثقافة ، والعلوم ، والآداب .

ومن الواضح أنَّ جابر ين حيَّان لم يكن الوحيد الذي تَتَلمذ على يد الإمام الصادق.

فهناك العديد من العلماء ، والفقهاء ، وأصحاب المذاهب ، انتسبوا إلى مدرسته ، ودرسوا على يده الفقه ، والحديث ، وعلم الكلام ، والمنطق ، والفلسفة ، واللغة ، والآداب .

والفضل كل الفضل لهذا المُعلِّم الحكيم ، الذي كرَّس حياته لخدمة الإسلام دون تمييزٍ بين فِرَقِه ، وطوائفه ، ومذاهبه .

وُلاةُ عَصْرِهِ(ع)

ضجّ الناس من حكم بني أمية وظلمهم، واستغلّ البعض عواطف الناس و ولاءهم لأهل النبي، فبدأوا معارضتهم لبني أمية باسم آل البيت، وقد نشط العباسيون وراحوا يدعون الناس إلى " الرضا من آل محمد ".

وقد ساعد هذا الشعار في انتشار دعوتهم، وبدأوا ثورتهم في خراسان.

وسرعان ما التفّ الناس حولهم، فانتصروا وانتهت حكومة بني أمية.

وبدل أن يُسلّم العباسيون الخلافة إلى أصحابها، راحوا يطاردون العلويين في كل مكان، وأمعنوا في قتلهم و تشريدهم.

أمسك المنصور بمقاليد الخلافة بقوّة وراح يخطّط للقضاء على معارضيه، فقتل محمداً وأخاه إبراهيم ؛ وهما من ولد الحسن(عليه السلام) وبثَّ الجواسيس في المدن، وأمر حاكم المدينة المنورة بمراقبة الإمام الصادق مراقبة دقيقة.

استدعى المنصورُ الإمامَ مرّة وقال له: لماذا لا تزورنا كما يزورنا الناس؟ أجابه الإمام: ليس لنا من أمر الدنيا ما نخافك عليه، ولا عندك من أمر الآخرة ما نرجوه منك، ولا أنت في نعمةٍ فنهنئك بها، ولا في نقمة فنعزيك.

فقال المنصور بخبث: تصحبنا لتنصحنا.

فأجابه الإمام: من أراد الدنيا لا ينصحك، ومن أراد الآخرة لا يصحبك.

كان المنصور يأمر وإليه على المدينة بالحطّ من مكانة علي(عليه السلام).

وذات يوم صعد الوالي المنبر وراح يذكر أمير المؤمنين وأهل بيته بسوء، فنهض الإمام وقال: أما ما قلت من خير فنحن أهله، وما قلت من سوء فأنت وصاحبك (أي المنصور) أولى به، والتفت الإمام إلى الناس وقال: ألا أنبئكم بأخفّ الناس ميزاناً وأبينهم خسرانا يوم القيامة وأسوأهم حالاً: من باع آخرته بدنيا غيره ؛ وهو هذا الفاسق.

فنزل الوالي من المنبر وهو يشعر بالخزي.

وفي مجلس " المنصور " كانت ذبابة لا تنفكّ تحطّ على أنف المنصور وهو يطردها فتعود، حتى آذته، فالتفت إلى الإمام وسأله بانزعاج: لِمَ خلق اللهُ الذباب؟ فأجابه الإمام: ليذلّ به أنوف الجبابرة.

استشهاد الإمام(ع)

لم يكن المنصور يتحمّل وجود الإمام الصادق(عليه السلام) وكان يخطّط للقضاء عليه، وأخيراً دسّ إليه السم. واستشهد الإمام في 25 شوّال سنة 148 هجرية. حيث دُفن جثمانه الطاهر في مقبرة البقيع.

فسلام الله عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.

  طباعة  | |  أخبر صديقك  | |  إضافة تعليق  | |  التاريخ : 2023/05/31  | |  القرّاء : 2879



البحث :

جديد الموقع :


 خطبة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 ندوة حوارية في المجلس الشيعي حول فكر الإمام شمس الدين: الخطيب وسلام وعبس ورحال يطرحون رؤية العالم الراحل
 العلامة الخطيب يزور الخيام ويواكب العائدين إليها: اليوم إنكسر جبروت العدو إنتصارا لكل لبنان
 خطبة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 العلامة الخطيب من الهرمل: نريد جيشا قويا ودولة تدافع عن لبنان وليس عن طائفة
 كلمة العلامة الخطيب خلال اللقاء الحواري الذي نظمه مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي
 رسالة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 كلمة العلامة الخطيب خلال الحفل التأبيني للراحل الحاج محمد قاسم الخطيب
 رسالة العلامة الخطيب إلى القادة العرب والمسلمين المجتمعين في المملكة العربية السعودية
 رسالة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب

مواضيع متنوعة :


 كلمة العلامة الخطيب في حسينية الامام علي (ع) في خندق الغميق
 كلمة العلامة الخطيب خلال حفل تأبيني للعميد أمين حطيط في بلدة الدوير
 تردد إذاعة البصائر
 رسالة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 كلمة العلامة الخطيب خلال حفل تأبيتي في مدينة صور
  سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب يستقبل مدير مؤسسة رواد للتنمية والإعلام الشيخ حسين الكعبي
 سِيْرَةُ سَيِّدَةِ نِسَاءِ العَالَميْن فَاطِمَةَ الزَّهْرَاء (عليها السلام)
 سِيْرَةُ الإِمَامِ مُوْسَى الكَاظِم (عليه السلام)
 العلامة الخطيب من الهرمل: نريد جيشا قويا ودولة تدافع عن لبنان وليس عن طائفة
 العلامة الخطيب يرعى حفل توقيع كتاب "الى الشباب" في مقر الجامعة الاسلامية في لبنان

إحصاءات :

  • الأقسام : 21
  • المواضيع : 111
  • التصفحات : 317660
  • التاريخ :
 
 
الموقع بإشراف : مركز الدراسات والتوثيق © في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى - لبنان
تصميم، برمجة وإستضافة :
الأنوار الخمسة © Anwar5.Net