نَسَبُ الإِمَامِ الْحُسَيْنِ(ع)
هو الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب بن عبد الطلب بن هاشم، وهو السبط الثاني لرسول الله محمد بن عبد الله(ص) وثالث أئمة الهدى، وخامس أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
وهو أشرف نسب تشهده البشرية منذ عهد آدم(ع) فقد أحيط بالنسب الشريف من كل جانب، فجده لأمه رسول الله(ص)، وجده لأبيه مؤمن آل قريش أبو طالب(ع)، وأبوه الإمام الأعظم علي بن أبي طالب(ع)، وأمه الصدّيقة الطاهرة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(ع)، وأخوه الحسن المجتبى سيد شباب أهل الجنة، وأولاده أئمة الهدى ومصابيح الكون وهم زين العابدين، ومحمد الباقر، وجعفر الصادق، وموسى الكاظم، وعلي الرضا، ومحمد الجواد، وعلي الهادي، والحسن العسكري، والحجة المنتظر صلوات الله عليهم أجمعين.
ولا نعلم نسباً أطهر وأعظم وأنقى وأرقى وأتقى من هذا النسب الفريد من نوعه في هذا الوجود.
وِلادَةُ الإِمَاْمِ الْحُسَيْنِ(ع)
مع ولادة هذا العظيم وُلد أمل كبير للأمة، وشع نور ساطع في أرجاء العالم لأنه(ع) كان نوراً في كل ما قام به طيلة حياته الشريفة.
لقد ولد(ع) في المدينة المنورة في الثالث من شهر شعبان للسنة الرابعة من الهجرة بعد ولادة أخيه الحسن المجتبى بسنة على وجه التقريب.
وعند خروجه إلى هذه الحياة تلألأ وجه رسول الله(ص) فرحاً وسروراً، ولكنه كان فرحاً مشحوناً بالأسى والحزن حيث ولد الحسين ليكون الشهيد المقطع جسده فوق أرض الطف.
لقد ولد الحسين(ع) في بيت الوحي والنبوة والطهارة والنزاهة..ولد في بيت كانت ملائكة الرحمن تتنزل إليه لتتبرك بأهله الكرام الذين جعلهم الله تعالى سادات الورى في الدنيا والآخرة.
عندما ولد الإمام الحسين أخذه النبي الأعظم(ص) والفرحة الخاصة تملأ وجهه الكريم فأذّن في أذنه اليمنى ثم أقام في اليسرى ليكون أول كلام يخترق مسمعه الشريف هو ذكر الله ورسوله.
وقد كان لذلك أثر كبير حيث جبلت روحه بذكر الله ورسوله، وأطاع الله ورسوله حتى أتاه اليقين.
وترعرع(ع) في منزل العلم والفهم والتقوى، وتغذى على المعارف الإلهية والدروس الرسالية التي تلقاها قبله أبوه وأخوه.
ويكفيه فخراً أنه نشأ في رعاية جده الأعظم وتخلق بأخلاقه وحمل علمه وصفاته حتى كان كأنه جده في جميع مراحل حياته.
أَحْدَاْثُ الْوِلادَةِ
لم تكن ولادات العظماء كغيرها وإنما كانت تحمل معها معان عميقة وإشارات كان من الصعب تفسيرها قبل أوانها، كما حصل عند ولادة الإمام علي بن أبي طالب(ع) الذي وضعته أمه في جوف الكعبة، فلم يدرك الناس معنى هذه الكرامة إلا بعد ما ظهر منه في حياته ما ظهر من الفضائل والكرامات والبطولات.
ولأجل ذلك لا ينبغي علينا أن نهمل أي حدث من أحداث عظمائنا كيلا يفوتنا شيء من الفوائد المرجوة، وقد حدث عدة أشياء عند ولادة الإمام الحسين(ع) يجدر بنا الوقوف عندها.
الْمَرَاسِمُ الْشَّرْعِيَّةُ لِلْمَوْلُوْد.
لقد تعلم المسلمون من رسول الله(ص) دروساً تتعلق بشأن الطفل يوم ولادته، وهي ذات آثار كبيرة عليه في الكبر، فقد أخذ حفيده الحسين وأذّن له في أذنه اليمنى ثم أقام في اليسرى لتنطبع تلك الكلمات العظيمة في قلبه وتتماشى معه طيلة أيام حياته، وقد جعل الفقهاء تلك المراسم من المستحبات الأكيدة لما تحمل للطفل من فوائد معنوية كبرى تنعكس إيجابياً عليه في حياته.
تَسْمِيَةُ الإِمَامِ الْحُسَيْنِ(ع)
من حق الولد على والده أن يختار له إسماً يحمله مدى الحياة، والأفضل أن يختار له الأسماء الشريفة التي تحمل معان عظيمة.
وقد كانت تسمية الإمام الحسين(ع) مميزة عن غيرها لأنها حصلت بوحي من الله سبحانه وتعالى، فقد قال رسول الله(ص) لعلي(ع) هل سميته؟فقال(ع) ما كنت لأسبق رسول الله في ذلك، فهبط الوحي على النبي بهذا الإسم العظيم، فالتفت النبي إلى علي وقال له:سمّه حسيناً:
بُكَاْءُ الْنَّبِيِّ(ص) يَوْمَ وِلادَةِ الْحُسَيْن(ع)
عندما أتي بالوليد المبارك إلى رسول الله(ص) أخذه وبكى، فقالت أسماء للنبي:لقد ولد الساعة: فقال(ص) يا أسماء، تقتله الفئة الباغية من بعدي، لا أنالهم الله شفاعتي:
فمن يوم ولادة الحسين ظهرت بوادر المأساة، ولكن ماذا نقول لأمة خذلت نبيها في أهل بيته.
الْعَقِيْقَةُ.
يستحب للولي أن يعق عن مولوده بعقيقة ويوزعها على الفقراء والمحتاجين بنية الشكر على هذه النعمة ودفع البلاء عن المولود، وقد أصبح ذلك سنة متبعة لأن الرسول(ص) قد عق عن الإمام الحسين بعقيقة بعد سبعة أيام من ولادته الشريفة ثم أمرهم بختنه.
أَلْقَاْبُ الإِمَامِ الْحُسَيْن(ع)
لُقّب الإمام الحسين(ع) بألقاب عديدة تحكي لنا حقيقته العظمى وجوهره الطيب، فقد لقب سلام الله عليه بالرشيد والطيب والزكي زالسبط والسيد المبارك، وقد استوحيت تلك الألقاب من كلام النبي(ص) فيه.
الإِمَامُ الْحُسَيْنُ(ع) فِيْ الْقُرْآنِ الْكَرِيْم
من الفضائل الكبرى لأبي عبد الله الحسين(ع) أنّ الله سبحانه قد ذكره في كتابه المجيد مادحاً له وآمراً الجميع بالتمسك في حبله حبل الله المتين والصراط المستقيم.
ففي أواسط سورة الأحزاب بيّن القرآن المجيد عصمة النبي وآله من كل خطأ وعيب ونقص حيث يقول(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)
وقد أجمع المفسرون على كونها نزلت في النبي وآله عندما جلسوا تحت الكساء في بيت زوجته الفاضلة أم سلمة.
ولم تسلم هذه الآية المباركة والمحكمة من التحريف وتجيير معناها إلى المصالح القائمة على الحقد والعمى، فذكروا لسبب نزولها أموراً لا يليق ذكرها ولا الرد عليها لأنها لا تستحق الإعتناء، ولكن الذين يرغبون بالتعرف على تلك الآراء فعليه أن يرجع إلى كتب التفسير المطولة والصحيحة.
وفي سورة الشورى أمر الله عز وجل كل المسلمين بمودة القرابة لرسول الله(ص) وقد بيّن الرسول في مواضع عديدة أن قرابته هم علي وزوجته وولداه.
قال تعالى في هذه القرابة(قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)
وقد أشار أمير المؤمنين علي(ع) إلى كونه ممن اختصه الله تعالى بتلك القرابة حيث قال في نهج البلاغة:ولقد علمتم موضع من رسول الله(ص) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة...
والإمام الحسين(ع) مشمول بتلك القرابة فهو ممن تجب مودته بأمر من الله سبحانه.
وقال تعالى(فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندعو أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)
وقد نزلت هذه الآية الكريمة عندما باهل رسول الله(ص) نصارى نجران، وقد ذكر المفسرون والمؤرخون بأن النبي(ص) قد جمع أمام وفد نجران علياً وفاطمة والحسن والحسين فكان المقصود بقوله تعالى(أبناءنا) الحسن والحسين، وبقوله(نساءنا) فاطمة بنت محمد(ع)، وبقوله(أنفسنا) علي بن أبي طالب(ع).
وكذلك نزلت سورة كاملة في بيان عظمة هؤلاء الأربعة الذين اختصهم الله تعالى لنفسه وفضّلهم على خلقه.
هكذا نظر القرآن الكريم إلى الإمام الحسين(ع) الذي يجب على كل المسلمين أن ينظروا إليه نظرة مشابهة للنظرة القرآنية.
الْحُسَيْنُ فِيْ نَظَرِ الْرَّسُوْلِ الأَكْرَم(ص)
ما مِنْ أَمْرٍ أشار إليه القرآن الكريم إلا وعُقّب بإيضاح من النبي الأعظم محمد(ص) حيث لا يمكن فهم مقاصده إلا من خلال حامل الرسالة(ص)
وإننا كمسلمين مؤمنين بالله ورسوله وأهل البيت نعظّم الإمام الحسين من خلال ما قدّمه للأمة الإسلامية من عطاءات وتضحيات، ولكن تلك العظمة ازدادت رفعة في نفوسنا عندما علمنا رأي الرسول الأكرم في الإمام الحسين.
لقد نال الإمام الحسين(ع) حظاً وفيراً من المدح والثناء وإظهار فضائله ومكارم أخلاقه على لسان جده(ص) وقد أراد النبي من خلال ذلك ما هو أوسع دائرة من المدح والثناء ومجرد البيان، حيث لفت بكلامه أنظار الناس إلى أهمية المسؤولية التي سوف يحملها الحسين في حياته، وإلى عظمة دوره في تبليغ الدعوة وإيصال الرسالة واضحة إلى قلوب الناس وعقولهم.
وقد كان كل ما ورد عن النبي في شأن الحسين دلالات واضحة على كونه مع الحق وأنه الخليفة الحق للمسلمين بعد أبيه وأخيه الحسن(ع)ز
الْتَّمْهِيْدُ لِنُصْرَةِ الْحُسَيْنِ(ع)
لقد عمل رسول الله(ص) جاهداً لتأسيس مجموعات مؤمنة تكون عوناً للحسين في ثورته المباركة، ولم تكن دعوته لذلك غامضة أو حاملة لوجوه عديدة من المعاني، بل إنها حملت معنى واحداً وهو وجوب نصر الإمام الحسين في كل ما يقوم به لأنه لا يقوم إلا بما يرضي الله ورسوله والأمة.
لقد كان(ص) يبكي كلما نظر إلى الحسين فيسأله الناس عن سبب بكائه فيخبرهم بما سوف يجري عليه في كربلاء ويدعوهم إلى نصرته ويحذرهم من خذلانه.
وقد كان سلوك النبي تجاه الحسين دليلاً واضحاً على كونه الحافظ للدين من بعده.
كما ومهّد له بتصرفاته معه ووصفه بعبارات كبيرة جداً سوف نذكر جملة منها من باب التأكيد على كون النبي هو أول من مهّد لثورة كربلاء.
وقد فهم الجميع معاني كلامه وأدركوا وجوب اتباع الحسين بما يمثله في تاريخ الرسالة، ولكنهم قدموا مصالحهم الخاصة على مصالح الدين والأمة، ولم يكتفوا بالتنحي جانباً وإنما شاركوا الظالمين في القضاء على الحق المتمثل بالإمام الحسين(ع) وهم مؤمنون بكون الحسين على حق.
كَلامُ الْنَّبِيّ(ص) فِي الإِمَامِ الْحُسَيْن(ع)
قال رسول الله(ص) في الإمام الحسين:
1- "حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً"
2- " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
3- " الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا"
4- " خير رجالكم علي بن أبي طاب، وخير شبابكم الحسن والحسين، وخير نسائكم فاطمة بنت محمد"
5- " سمع رسول الله(ص) بكاء الحسين فقال لابنته:ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني"
6- " الحسن والحسين إبناي، من أحبهما أحبني، ومن احبني أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله الجنة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار"
وإن دل هذا الكلام على شيء فإنما يدل على عظمة الإمام الحسين ورفعة شأنه عند الله ورسوله، وهذا يستدعي منا المسارعة إلى اتباع هذا النهج العظيم الذي هو نهج الله ورسوله.
إِخْبَارُ الْنَّبِيِّ(ص) بِمَصْرَعِ الْحُسَيْن(ع)
لم تكن شهادة الإمام الحسين(ع) في أرض كربلاء بالأمر المستغرب لدى أكثر المسلمين وبالأخص من سمع منهم كلام رسول الله حول استشهاد الإمام الحسين في العراق.
وقد أخبر النبي(ص) جميع المسلمين بالجريمة الشنيعة التي سوف ترتكبها الفئة الباغية على أرض كربلاء، ولذلك دخلت أم الفضل بن العباس على رسول الله(ص) وقالت: يا رسول الله، رأيت البارحة حلماً منكراً، فقال(ص):وما هو؟ قالت:رأيت كأنّ قطعة من جسدك قُطعت فوضعت في حجري: فقال(ص):خيراً رأيت، تلد فاطمة غلاماً يكون في حجرك، فولدت فاطمة الحسين عليهما السلام، قالت أم الفضل: فكان في حجري كما قال رسول الله(ص) فدخلت به هليه فوضعته في حجره ثم حانت به مني التفاتة فإذا عينا رسول الله تدمعان، فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال(ص) جاء جبرائيل فأخبرني أن أمتي ستقتل إبني هذا وأتاني بتربة من تربة حمراء.
وقال(ص)"إن ابني هذا يُقتل بأرض من أرض العرق يقال لها كربلاء"
عِبَاْدَةُ الإِمَامِ الْحُسَيْن(ع)
يحدثنا تاريخ الإسلام عن السلوك العبادي الذي تجسد في الإمام الحسين(ع) حيث بلغ بروحه أسمى معاني العبودية الصادقة لله سبحانه وتعالى.
لقد كان(ع) يصنع كل ما يدنيه من الله ويقربه منه وذلك بشهادة الأحباب والخصوم.
لقد كان(ع) كثير الصلاة والصوم والحج والصدقة، ومكثراً من أنواع العبادات كلها، وقد أشار الإمام زين العابدين(ع) إلى مستوى تلك العبادة التي تمتع بها الحسين في حياته حيث قال: كان الحسين(ع) يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة:
وذكر المؤرخون بأنه(ع) حج بيت الله الحرام خمساً وعشرين مرة ماشياً على قدميه.
ويكفي في بيان عبادته أنه الإمام المعصوم الذي لا يرى في الوجود سوى الله تبارك وتعالى.
سَخَاءُ الإِمَامِ الْحُسَيْن(ع) وَجُوْدُهُ
قبل ذكر أي صفة من صفات المعصوم(ع) ينبغي أن نضع نصب أعيننا أنه متصف بأكمل الصفات وأرقاها لأنه دون مستوى الخالق وفوق مستوى المخلوق.
ومهما حاولنا أن نبين حجم سخائه وكرمه فلن نبلغ المستوى المطلوب في ذلك، ولكننا نذكر شيئاً قليلاً من باب التبرك بذكر هذه الخصال.
1- لقد دخل الإمام الحسين(ع) على أسامة بن زيد في مرضه الذي مات فيه، ولمّا استقر به المجلس قال أسامة: واغماه: فقال له الإمام(ع) وما غمك؟ فقال أسامة:دَيني، وهو ستون ألف درهم: فقال(ع) هو عليَّ: فقال أسامة: أخشى أن أموت قبل أن يقضى: فقال(ع) لن تموت حتى أقضيها عنك: فقضاها(ع) قبل موت أسامة.
2- مرّ الإمام الحسين(ع) بمساكين يأكلون، فدعوه إلى الأكل معهم، فنزل من على فرسه وشاركهم طعام الغداء وهو يقول:إن الله لا يحب المتكبرين: وبعد الإنتهاء من الأكل قال لهم(ع) قد أجبتكم فأجيبوني: فقالوا نعم، فمضى بهم إلى منزله فقال للرباب:أخرجي ما كنت تدّخرين:
3- قال أنس: كنت عند الحسين(ع) فدخلت عليه جارية وبيدها طاقة ريحان، فحيته بها، فقال لها(ع) أنت حرة لوجه الله تعالى، فانبهر أنس وقال: جارية تجيئك بطاقة ريحان فتعتقها؟ فأجابه(ع) قائلاً: كذا أدبنا الله، قال تبارك وتعالى(وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها)
4- جاء سائل يتخطى أزقة الكوفة حتى أتى باب منزل الحسين(ع) فقرع الباب وأنشأ يقول:
لم يخب اليوم من رجاك ومن حرك من خلف بابك الحلقة
أنت ذو الجود وأنت معدنهم أبوك قد كان قاتل الفسقة
فأعطاه الإمام الحسين(ع) مائتي درهم وأنشد قائلاً:
خذها فإني إليك معتذر وأعلم بأني عليك ذو شفقة
لو كان في سيرنا الغداة عصا كانت سماناً عليك مندفقة
لكن ريب المنون ذو نكد والكف منا قليلة النفقة
فأخذها السائل شاكراً وهو يمدح الإمام ويقول:
مطهرون نقيات جيوبهم تجري الصلاة عليهم أينما ذُكروا
وأنتم أنتم الأعلون عندكم علم الكتاب وما جاءت به السور
من لم يكن علوياً حين تنسبه فما له في جميع الناس مفتخر
شَجَاعَةُ الإِمَامِ الْحُسَيْن(ع)
لقد تحلى النبي وآله الأطهار بشجاعة مميزة لم يحدّث التاريخ عن مثلها.
وقد امتلك الإمام الحسين(ع) شجاعة جده وأبيه وأخيه، تلك الشجاعة التي بدت منه في أرض الطف حيث أدهشت العالم كله.
لقد تجلت تلك الشجاعة بأسمى معانيها في أرض كربلاء حيث لم يعرف الحسين معنى الذل والجبن والإستكانة رغم الظروف الصعبة التي أحاطت به من كل الجوانب.
لقد ابتلي الحسين(ع) بمصائب كبرى لو ابتلى بها غيره لم يستطع الوقوف على قدميه، فقد استشهد أولاده وأصحابه وأبناء عمه وقُطّعوا إرباً بسيوف الغدر والضلال، وهو يعلم أنه سيلاقي المصير نفسه، ورغم ذلك لم يخسر من شجاعته ذرة، ولم يتراجع عن موقفه العظيم الذي هو موقف الحق.
لم يضعف أمام الخطر والمصاب بل إنه بقي متماسكاً وكأن شيئاً لم يحصل أمامه حتى قال بعض الرواة: والله ما رأيت مكثوراً قط قد قُتل وُلده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولا أمضى جناناً ولا أجرأ مقدماً منه، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله، وإن كانت الرجالة لتشد عليه فيشد عليها بسيفه فتنكشف عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب:
ولم تكن تلك الشجاعة في كربلاء حديثة عهد بالحسين لأنه تحلى بها منذ الصغر حيث كان يشارك أباه علياً في معاركه الكبرى، وكان يبدي من الشجاعة فيها ما أبداه على أرض الطف.
وقد شارك أباه في معركة الجمل وصفين والنهروان.
عَلاقَةُ الإِمَامِ الْحُسَيْن(ع) بِرَبِّهِ
لو لم تكن علاقة الإمام الحسين بربه علاقة متينة ومميزة لما ضحى بنفسه من أجل إعلاء كلمة الله عز وجل، وفي مثل هذه المواقف تظهر مدى علاقة العبد بالخالق، فهل كان العبد محباً لله وباذلاً في سبيله أم أنه مجرد مدع لا يترجم تلك العلاقة بالعمل.
لقد كانت علاقة الإمام الحسين بالله تعالى علاقة قوية ومتينة لا يقطعها أمر في هذه الحياة، فقد كان خوفه من الله عظيماً حيث استهجن الناس لمدى خوفه من ربه فقالوا له: ما أعظم خوفك من ربك؟ فقال(ع):لا يأمن من يوم القيامة إلا من خاف الله في الدنيا:
وكان(ع) إذا توضأ تغير لون وجهه وارتعدت مفاصله، فيقال له في ذلك، فيقول: حق لمن وقف بين يدي الملك الجبار أن يصفر لونه وترتعد مفاصله:
وقال(ع) في ليلة عاشوراء:إنّا نريد أن نصلي لربنا الليلة ونستغفره فهو يعلم أني أحب الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والإستغفار:
وفي أصعب الأوقات وأحلك الظروف في اليوم العاشر من المحرم حيث كانت السهام تنهمر عليه المطر طلب من المعتدين أن يوقفوا الحرب فترة حتى يستطيع هو ومن معه أن يصلوا صلاة الظهر.
وكان(ع) يدعو ربه ويقول: أللهم ارزقني الرغبة في الآخرة حتى أعرف صدق ذلك في قلبي بالزهادة مني في دنياي، أللهم ارزقني بصراً في أمر الآخرة حتى أطلب الحسنات شوقاً وأفر من السيئات خوفاً:
الإِمَامِ الْحُسَيْن مَعَ أَبِيْهِ(ع)
بعد التحاق النبي الأكرم(ص) بالرفيق الأعلى فقد الإمام الحسين(ع) مصدراً من مصادر العطف والحنان ومنبعاً من ينابع العلم والمعرفة، ولكن النبي(ص) قبل خروج روحه الزكية من جسده الشريف أودع علمه وأخلاقه وآدابه نفس علي(ع) وقلبه وعقله فلم يخسر الحسين بفقد جده سوى الحنان.
وقد لازم الأمام الحسين والده العظيم ما يقرب من خمسة وعشرين عاماً، وقد حمل من أبيه ما حمله أبوه من جده.
وبعد استشهاد أمير المؤمنين(ع) عاش الحسين مع أخيه الحسن ما يقرب من عشر سنوات، أي إلى لحظة استشهاد الحسن بسمّ أهل الخدر والضلال.
لقد كانت علاقة الإمام الحسين(ع) مع أبيه أمير المؤمنين علاقة مميزة فاقت كل الحدود والإعتبارات لأنها لم تكن علاقة والد بولده وإنما كانت علاقة عظيم بعظيم، وعلاقة خليفة بخليفة ومعصوم بمعصوم.
الْحُسَيْنُ بَعْدَ اسْتِشْهَادِ أَخِيْهِ الْحَسَنِ(ع)
رغم عظمة شأن الحسين في نفوس المؤمنين، ورغم كونه أبرز أبطال التاريخ ما زالت أكثر جوانب حياته الشريفة مجهولة لدى كثير من الناس وذلك بسبب اهتمامنا ببعض جوانبها دون البعض الآخر.
لقد قضى(ع) كل حياته بالعمل المضني في سبيل الله، وبالأخص في الفترة ما بعد وفاة أخيه الحسن حيث حمل المسؤولية لوحده وتابع شؤون الأمة بدقة فرسم بذلك تاريخاً عريقاً لا ينبغي لأحد أن يغفل عنه.
وما عرفناه عن الحسين الثائر هو نفسه في الحسين العابد والزاهد والخليفة والمعصوم في جميع مراحل حياته.
لم يرتفع شأن الحسين بسبب عاشوراء فقط فإن كل ما صنعه في حياته كان مصدر رفعة له في الدنيا والآخرة، غير أنّ عاشوراء كانت أشهر أحداث حياته ولأجل ذلك اهتم بها الناس أكثر من اهتمامهم بالأحداث الأخرى، ولكنهم لو أدركوا عظمة فعل الحسين قبل كربلاء لأعطوه نفس النظرة لها.
ففي زمن النبي(ص) كان المسؤولية موزعة على خمسة أشخاص، أما في زمن الحسين فقد تحمل المسؤولية بمفرده ووطّن نفسه على مواجهة العواقب مهما كانت صعبة وخطرة.
لقد رعا الحسين(ع) بعد استشهاد أخيه الحسن شؤون الأمة وكان نعم الراعي والقائد والحامي والمدافع عن الدين وأهله.
إن الحسين(ع) لم يواجه يزيداً في كربلاء فقط وإنما كان يواجهه طيلة حياته، وليست كربلاء سوى النهاية، أما البداية فقد سبقت كربلاء بزمن طويل.
الإِمَامِ الْحُسَيْن(ع) أَبْرَزُ أَبْطَالِ الْتَّارِيْخ
كثير من الكتّاب والمحدثين والخطباء يتحدثون عن بطولة الإمام الحسين بن علي(ع) وشجاعته التي ظهرت كاملة يوم المواجهة العسكرية على أرض كربلاء.
ويذكرون له مواقف بطولية من خلال الحديث عنه وهو يضرب السيف ويتلقى الضربات الموجعة.
ويؤكدون على تحمله آلام تلك الضربات وصموده أمام الوجع الذي من شأنه أن يمنع الإنسان عن الحركة ويطرحه أرضاً حيث كانت الضربة تقع على سابقتها، وقد عُدّت جراحاته بالمئات.
ولكي يمكن لهؤلاء وغيرهم أن يكشفوا عن حقيقة تلك الشجاعة وجب عليهم أن يحدثوا الناس عن مفهوم الشجاعة ومصدرها الأساسي مع ذكر الفارق بين أنواع الشجاعات، لأن موارد الشجاعة تختلف بين شخص وآخر.
فمنهم من يكون سبب تحمله الألم قوة الجسد كما هو حال كثير من الأبطال الذين حدثنا التاريخ عنهم.
ومنهم من يستمد الشجاعة من قوى غيبية فهي التي تجعله صامداً أمام الوجع مهما كان كبيراً ومتحملاً لآلام الجراحات مهما كانت بليغة وعميقة.
ولأجل ذلك لزم التفريق بين الشجاعة النابعة من قوة الجسد، والشجاعة المستمدة من قوة غيبية وإن كان الجسد نحيفاً.
إن الإمام الحسين(ع) هو أول أبطال التاريخ، وهو من الشخصيات البارزة في موازين الشجاعة بجميع مفاهيمها.
شَجَاعَةُ الْحُسَيْنِ(ع) وَأَصْحَابِهِ
لا ريب في أن مصدر الشجاعة لدى الإمام الحسين وأصحابه هو إيمانهم بالله تعالى، ولأجل ذلك كان الواحد منهم يتوجه إلى الميدان مستأنساً كتوجه الجائع إلى الطعام والظمآن نحو الماء.
إن الشجاعة التي أبداها الإمام وأصحابه في كربلاء كانت بحجم اعتقادهم بصحة ما يقومون به، ولأجل ذلك كانت الشجاعة فيهم واحدة، وتحمل الألم واحداً حيث رأوا بأن وقع السيوف والرماح على أجسادهم بمثابة نسمة هواء عليل يعترض أجسادهم، ولأجل ذلك لم يضعف أحدهم إلا بعد أن يضرب الضربة القاضية التي كانت السبب في بداية حياتهم الأبدية.
ولأجل أن نوضح المقصد نذكر من أصحاب الحسين(ع) نموذجين:
النموذج الأول: وهو الشجاعة التي بدت من الولد في تلك المعركة كشجاعة القاسم ابن الحسن وأخويه الصغيرين الذين كانوا يقاتلون العدو كفرسان كبار.
ما الذي متّع هذه الأجساد الرقيقة بالقوة؟ هو الإعتقاد الصحيح.
النموذج الثاني: وهو الشجاعة التي بدت من الكهول أصحاب العظام الرقيقة والقوة البدنية الضعيفة كحبيب ابن مظاهر الذي قاتل في كربلاء قتال الشباب.
وبهذا الكلام يظهر لنا الفارق بين شجاعة الحسين وأصحابه، وشجاعة الجيش اليزيدي الذي قُتل منهم المئات على أيدي الأفراد.
دور المعرفة فيما قام به الحسين(ع) في كربلاء
لا يمكن إدراك شخصية أبي عبد الله الحسين(ع) إلا من خلال دراسة حياته من جميع نواحيها وتفاصيلها.
ولو بحثنا عن العارفين بتلك التفاصيل بين محبي الإمام الحسين لوجدناهم قلة قليلة، إذ ليس العارف من قرأ سطور السيرة وروى قصتها، ولكن العارف هو الذي يغوص في أعماقها ويقرأ ما بين سطورها ليستنتج منها المعاني الحقيقية لتلك الشخصية النادرة الوجود في هذا الوجود.
وتعتبر هذه الشخصية فريدة من نوعها في تاريخ الإسلام حيث لم يشهد الناس مثلها في غير النبي وآله(ص).
ولو أننا رجعنا إلى السبب الأساسي في قلة عدد العارفين بها لوجدنا أنه الإهتمام ببعض التفاصيل وإهمال بعضها الآخر مع أن الذي أهملناه هو الأهم في مسألة الكشف عن تلك الحقيقة المميزة(حقيقة الإمام الحسين) سلام الله عليه.
فإذا تجرد الإلتزام بالنهج الحسيني عن المعارف الكفيلة ببيان الحقيقة كان التزاماً بالمجهول، وهذا النوع من الإلتزام لا يحمل ثمراً ولا يخلّف أثراً ولا يحقق الغايات المرجوة ولا يوصل إلى الأهداف المطلوبة.
لقد صنع الإمام الحسين(ع) أمراً عظيماً خرج عن حدود المعركة العسكرية لأن أهداف الثورة أكبر من صراع عسكري بين ظالم ومظلوم.
فإذا أردنا أن نتعرف على تلك الشخصية العظمى لزم علينا أن نلقي نظرة على تاريخه المشرق الذي كان حافلاً بالمواقف العزيزة والبطولات الكبرى والتضحيات المميزة والعمل الصالح، فلا يمكن لنا إدراك حقيقة الثورة الحسينية بجميع أبعادها إلا من خلال دراسة صانعها(ع) وكذلك فإن معرفة حجم الثورة وقيمتها في عالم الإسلام متوقف على معرفة شخصية قائدها، وهذا يعني ضرورة الإهتمام بكلا الأمرين حيث توقف معرفة أحدهما على الآخر، ولا أقصد بالتوقف هنا توقف الشيء على نفسه والذي يلزم منه الدور العقلي، وإنما أقصد بيان الإتحاد بين هذين الأمرين والحث على معرفتهما معاً لأن هناك نقاطاً غامضة حدثت في المعركة لا يمكن معرفة معانيها، ولا يمكن تفسيرها إلا بمعرفة شخصية قائدها.
وهذا من شأنه أن يلزم المحب له والمقتدي به أن يبحث عن تلك التفاصيل ويتعرف على جميع النقاط المتعلقة بهذه الثورة التي اعتبرناها مصدر عقيدتنا بالله سبحانه وتعالى.
الثورة الكربلائية أشهر منعطف في تاريخ الحسين(ع)
لقد بلغت ثورة كربلاء من الشهرة في تاريخ البشر حداً لا يمكن لأحد أن ينكره مما جعلها الحدث المميز في تاريخ الإمام الحسين(ع) والثورة الأهم من بين ثورات العالم كله.
ولا يحق لأحد من الناس أن يستهين بقدر هذه المحطة الكبرى التي كانت بداية عهد مشرق للإسلام والمسلمين.
لقد شكّلت ثورة الإمام الحسين في كربلاء المقياس الأساسي للمقارنة بين الحق والباطل بحيث كان الشبيه لها من الحق والمخالف لشيء منها من الباطل.
لقد تحولت تلك الثورة بجهد الإمام وحكمته وشجاعته وإخلاصه إلى مصدر موثوق يرجع إليه المتحيرون في أمرهم.
والثورة التي تحتل هذه المرتبة العالية في نظر العالم والتاريخ لا شك بأنها أعظم حدث في هذا الوجود.
وبفضل هذه الثورة إستطاع الناس أن يميزوا بين الخير والشر من خلال عرض الواقعة على واقعها، فهي تشكل الفصل بين المتنازعين على الحق لأنها وضعت قواعد تكشف عن هوية الظالم بكل سهولة، وإن تستر الظالم بثوب الحق والإسلام فإنه مهما أحكم الغطاء فلن يكون بمستوى الغطاء الذي تستر به يزيد بن معاوية والذي استطاع الإمام الحسين(ع) بموقفه الحق أن ينزع ذلك الستار عنه ويكشف للناس عن حقيقته.
إننا نقتدي بالحسين ونحيي ذكرى عاشوراء ونبذل في سبيلها كل غال وزهيد، ولكن هذه الأعمال لا تعطي تقصيرنا تجاه المعرفة شرعية أو مبرراً.
لا يجوز لنا كمؤمنين بالإمام الحسين(ع) أن نهتم بجانب من حياته ونهمل الجانب الآخر لأن الفائدة الكبرى قد تكمن خلف الجانب الذي أهملناه.
فإذا كان الإمام الحسين عظيماً لهذه الدرجة فلا ينبغي أن نهمل حرفاً واحداً من سيرته الكاملة حيث أن كلمة واحدة صدرت منه قد تكشف لنا أسراراً كبرى حول ثورته المباركة.
إن جميع الناس على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم يهتمون بشؤون عظمائهم فلا يهملون من آثارهم شيئاً ولا يقصرون بأمر ولو كان في نظر البعض تافهاً.
ينبغي علينا أن نهتم بكل ما قاله الإمام الحسين أو فعله، وبكل ما قيل فيه من قبل العظماء الذين أدلوا بشهادات لصالح هذا الإمام العظيم مما كشف لنا عن كونه أعظم العظماء.
ولو صدر عن الإمام مزحة وجب علينا الإهتمام بمعانيها لأن فيها فائدة، فإذا لم تكن الفائدة حالية فهي لا شك سوف تظهر في المستقبل لأن الإمام الحسين(ع) لا يصدر عنه إلا ما فيه لله رضا وللناس منفعة في الدنيا والآخرة.
كيف نقبل أن يهتم الناس بعظمائهم ولا نهتم نحن بعظمائنا غم علمنا بأنه عظماءنا أعظم وأفضل لأنهم استمدوا تلك العظمة من طرق رسمها الله عز وجل لهم.
أيها الأعزاء..إن ثورة كربلاء أعظم ثورة وأهم حدث، فهي سبب بقائنا ومصدر عزتنا وكرامتنا في هذه الحياة، ولكن ذلك لا يدفع إلا الإهتمام بوقائع الثورة دون الوقائع التي سبقتها والتي كان لها أثر في نجاحها.
قد يكون سبب نجاحها امراً حدث في طفولة قائدها، وليس من العجيب أن يكون ذلك صحيحاً لأن حياة المعصوم واحدة يرتبط أولها بآخرها ويتصل صغيرها بكبيرها، فلا يجوز أن نولي اهتماماً للكبير ونهمل الصغير لأننا لو بحثنا في أعماق هذا الصغير ودرسنا جميع حيثياته لوجدنا كبيراً.
ولا يمكن أن نصل إلى الأعلى إلا من خلال الأسفل، ولا نستطيع أن نعرف الحق إلا بمقارنته مع الباطل.
ثم إن هناك أحداثاً صغيرة جرت مع الحسين في حياته لو ربطنا بعضها ببعض لتكون منها مفاهيم كبرى وأركان عظيمة لهذه الحياة.
واقعة الطف ساعات من نهار
لو اكتفينا من سيرة الحسين(ع) بخصوص ما حدث معه على أرض الطف نكون بذلك قد ارتكبنا خطئاً فادحاً في حقه وحقنا في وقت واحد إذ كيف ندرك عظمة إنسان من خلال بضع ساعات من عمره ونهمل سبعة وخمسين سنة لم تقل أهمية أحداثها عن أهمية الحدث الأخير.
ونحن نعتقد مثلكم بأن حدث كربلاء لوحده يكفي لبيان العظمة، ولكن هذا لا يمنع من زيادة النور فوق النور.
والثورة رغم عظمتها في التاريخ والنفوس لم تكن الحدث الأوحد في حياته لأنها ارتبطت بأحداث ماضية كانت بمثابة تمهيد لتلك الثورة الكريمة.
أيها العزاء.. قد نشبع إذا أكلنا، ونروي أكبادنا الحرة إذا شربنا، ولكننا مهما شربنا من حب الحسين وأخلاقه وعلمه فلن نرتوي أبداً بل إننا سوف نطلب المزيد لأننا كلما ازددنا معرفة بالحسين ازددنا معرفة بتفاصيل الدين والحياة لأنه هو الذي أوضح معناهما لكل الناس.
شخصية الإمام الحسين من المنظار الخاص
لقد نظر الحسينيون إلى شخصية قائدهم من المنظار الصحيح الذي لا كذب فيه ولا مبالغة ولا زيادة أو نقصان، حيث علموا بأنه القائد الكبير الذي أطاع الله ورسوله ولم يشذ لحظة عن الصراط المستقيم، وأنه الإمام المعصوم الذي شملته آية التطهير وغيرها من الآيات الحاكية عن أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم.
ويعتبر هذا الإمام الكبير من عظماء التاريخ الذين قدموا المصالح العامة على أية مصلحة خاصة ولم يكن للحسين في حياته أية مصلحة ذاتية لأنه وهب حياته كلها في سبيل الله والأمة.
إننا كحسينيين ننظر إلى هذا العظيم من خلال سيرته العطرة وجهاده الكبير وبذله نفسه في سبيل ديننا.
إن الحسين(ع) هو خامس أهل الكساء الذين خلق الله الوجود لأجلهم، وهو حامل لواء الدين وناصره، وهو الذي قام بعمل عظيم أدهش به العقول لكثرة المنافع التي عادت على الناس سببه، وقد حصل ذلك في وقت كان جميع الناس مشغولين بمعيشتهم وكسب المال وإن كان ذلك عن طريق الذل وعلى حساب الدين والكرامات.
إن نظرتنا للإمام الحسين(ع) جليلة وكبيرة لأننا نعتقد كمسلمين بأن الإسلام لم يحفظ إلا بتلك الثورة التي قادها في كربلاء، وأن المنفعة التي عادت علينا لا تقاس بكنوز الأرض لأنه قدّم في سبيلها ما هو أغلى من الكنوز والجواهر، بل وما هو أغلى من الشمس والقمر والنجوم والكواكب وأغلى من هذه الأرض وما فيها.
ونحن كحسينيين نقر بعجزنا عن التعبير حول تلك الشخصية النادرة، ونظن بأن نفس هذا العجز أوضح دليل على عظمة النظرة التي نطل من خلالها إلى هذا الإمام الكبير.
تأكيد الدعوة على نصر الحسين
لو نظرنا إلى تلك الدعوات التي أطلقها النبي(ص) في شان الحسين ونصرته لأدركنا أهمية الدور الذي قام به في كربلاء وقبلها، فكم مرة دعا النبي المسلمين إلى نصرة الحسين مبيناً لهم بأن نصرته هي نصرة الإسلام مما أكد أن الحسين في عصره قد مثّل الإسلام.
لقد حدّث النبي كل الناس بما سوف يجري على ولده الحسين في المستقبل، وقد حث المسلمين على اتباعه لأنه القائد إلى الخير.
وكذلك فإن علياً والحسن عليهما السلام قد دعوا المسلمين إلى الإنضمام في صف الحسين لأنه الأمل الوحيد بإصلاح ما فسد من أمور الدين.
كلامه(ع) أعظم كاشف عن شخصيته
قد أقول في زيد كلاماً أبرز من خلاله جانباً من حقيقته وسلوكه، وقد يطابق قولي واقع زيد، وقد يكون مخالفاً للواقع.
ومهما تكن درجة قولي فيه واضحة فإنها لن تكون بمستوى ما يصدر عنه لأنه هو المقصود بالكلام، وأقرب شيء إلى واقع المقصود هو ما يصدر عنه.
لقد تحدثنا كثيراً حول شخصية الإمام الحسين(ع) قاصدين بذلك الكشف عن شخصيته، ولكننا مهما أطلنا الكلام وأفصحنا في البيان فلن يكون أوضح من كلام المقصود.
لقد صدر من الإمام الحسين(ع) عبارات كثيرة كشفت لنا عن جوهره المشع بأنوار المعرفة والإيمان وأظهرت لنا حقيقة شخصيته التي لا ينبغي أن يختلف فيها اثنان بعد هذا البيان.
ولن نطيل الكلام حول هذه النقطة لأن الأمر لا يتطلب سوى التذكير ببعض كلامه الذي من خلاله يجب أن نحكم على تلك الشخصية الباهرة وما قام به صاحبها في أواخر ساعات حياته الشريفة.
فمن جملة كلامه الكاشف عن أهدافه قوله(ع)"والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد"
ومنها، قوله"ومثلي لا يبايع مثله" يقصد بذلك يزيد بن معاوية.
ومنها، قوله"إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح"
ومنها،قوله"ألا ترون أن الحق لا يعمل به وأن الباطل لا يتناهى عنه"
ومنها،قوله"شاء الله أن يراني قتيلاً"
ومنها،قوله"أللهم إني أحب المعروف وأنكر المنكر"
ومنها،قوله"خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف"
أيها الأعزاء..إن دل هذا الكلام على شيء فإنما يدل على شخصية بلغ صاحبها أعلى مراتب الكمال البشري.
ثم إن كل كلمة صدرت من الإمام الحسين في حياته كانت كاشفة عما في ضميره المستنير بالأنوار القدسية.
النص على خلافة الحسين بن علي(ع)
قد يستغرب القارئ الكريم من طرح بحث الخلافة ضمن السلسلة الكربلائية ظناً منه بالتباعد بينهما، ولكنه إذا فهم القصد من وراء ذلك أصبح أمراً مألوفاً لديه ومحبذاً عنده.
إن كل ما يتعلق بالإمام الحسين(ع) من قريب أو بعيد له علاقة مباشرة مع ما صنعه في أرض كربلاء، لأن الهدف من وراء ذلك تذكرة المحبين وغيرهم بكون الحسين في كربلاء لم يمثّل نفسه أو أصحابه أو بني هاشم فقط، وإنما مثّل الإسلام والمسلمين لكونه الخليفة الحق، وما قام به على أرض الطف إنما كان بأمر من الله سبحانه وتعالىز
فبدل أن نقول للعالم أنظروا ما فعل يزيد بالحسين، فإننا نقول لهم: أنظروا ماذا فعل الخليفة الباطل والمزيف بالخليفة الشرعي على أرض كربلاء.
إن اقتران صفة الخلافة بالإمام الحسين(ع) تفيدنا كثيراً في إثبات بعض الأمور المتعلقة بأحداث الثورة الكربلائية، وقد أكدنا في الأجزاء السابقة على ضرورة ربط ماضي الحسين بحاضره في كربلاء وذلك لوجود منفعة كبرى في ذلك، وأهم ما كان من ماضي الحسين وحاضره هو مسألة كونه خليفة رسول الله من بعد أبيه وأخيه.
ففي حديث طويل للإمام الحسن بن علي(ع) مع أخيه محمد بن الحنفية جاء فيه: إجلس فإنه ليس مثلك يغيب عن سماع كلام يحيى به الأموات ويموت به الأحياء، كونوا أوعية العلم، ومصابيح الهدى، فإن ضوء النهار بعضه أضوء من بعض، أما علمت أن الله جعل ولد إبراهيم(ع) أئمة، وفضّل بعضهم على بعض، وآتى داود(ع) زبوراً، وقد علمت بما استأثر به محمداً(ص)، يا محمد بن علي: إني أخاف عليك الحسد، وإنما وصف الله به الكافرين، فقال الله عز وجل(كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق) ولم يجعل الله عز وجل للشيطان عليك سلطاناً، يا محمد بن علي: ألا أخبرك بما سمعت من أبيك فيك؟قال:بلى: قال: سمعت أباك(ع) يقول يوم البصرة: من أحب أن يبرّني في الدنيا والآخرة فليبر محمداً ولدي: يا محمد بن علي، لو شئت أن أخبرك وأنت نطفة في ظهر أبيك لأخبرتك، يا محمد بن علي، أما علمت أن الحسين بن علي(ع) بعد وفاة نفسي ومفارقة روحي جسمي إمام من بعدي وعند الله جل اسمه في الكتاب وراثة من النبي(ص) أضافها الله عز وجل له في وراثة أبيه وأمه، فعلم الله أنكم خيرة خلقه فاصطفى منكم محمداً(ص) واختار محمد علياً(ع) واختارني علي(ع) بالإمامة، واخترت أنا الحسين(ع)...الخ.
الإمام الحسين(ع) هو الخليفة الشرعي
عجباً لأولئك السابقين كيف بايعوا يزيداً وأقروا بشرعيته وصلوا خلفه وقاتلوا من أجله وباعوا دينهم وضمائرهم بأرخص ثمن وأزهد قيمة.
عجباً لهم كيف لم يراقبوا فعل يزيد مع أنه كان متجاهراً بالفسق والفجور والظلم بجميع أشكاله ومراتبه، وعجباً لهم كيف لم يميزوا بين أهل الحق وأهل الباطل.
إن جميع المسلمين قد أيقنوا بكون الحسين هو الخليفة المنصوب من قبل الله تعالى لأنهم سمعوا رسول الله(ص) يقول مراراً بأنه الإمام وابن الإمام وأخو الإمام.
معنى مبايعة الحسين ليزيد
إن لهذه المبايعة عواقب وخيمة لا تقف عند حدود الخطر على النفس والولد، وإنما كانت عواقبها على الدين والأمة أكبر مما يظن الجميع.
لقد اتخذ الحسين(ع) قراراً حاسماً حول موضوع المبايعة وذلك عندما قال: ومثلي لا يبايع مثله:
لقد وردت هذه العبارة بعد أن وصف الإمام الحسين(ع) يزيد بن معاوية بأنه رجل فاسق وشارب للخمر وقاتل للنفس المحترمة ليكشف جزءاً من سبب عدم المبايعة ليزيد.
إن المبايعة ليزيد لا تصح -فضلاً عن كونها غير جائزة- من جميع الوجوه.
أولاً: لم يكن يزيد بن معاوية حتى يصح مبدأ المبايعة له، فإن الذين يبايعونه هم في الحقيقة يؤازرونه ويساعدونه على ظلمه، ولا مجال للمبايعة الشرعية هنا لأنها كما يقال في علم المنطق:سالبة بانتفاء الموضوع:
فموضوع الخلافة منتف لدي يزيد، فعلى أي شيء يبايعونه.
ثانياً: لو غضضنا الطرف عن كونه ليس خليفة من الأساس، فكيف يمكن لنا أن نبايعه وهو المجرم الأكبر الذي يقتل بسبب وبغير سبب ويعتدي على الحرمات والمقدسات.
إن المبايعة له تعني الموافقة على جرائمه وظلمه وإنكاره للدين.
ثالثا: إن مبايعة يزيد تعني البراءة من الله ورسوله والتخلي عن الدين والقيم والمبادئ والمعتقدات.
هذا ما نقوله في المبايعة التي تصدر من الناس العاديين، وأما المبايعة التي يريدها الناس من الإمام الحسين فإنها تعني أفظع الجرائم في حق الدين والأمة والإنسانية.
فكيف يمكن للحسين بصفته الشخصية والرسمية الدينية أن يبايع هذا الطاغية الذي إن مثّل شيئاً في الحياة فإنما يمثل الشيطان الرجيم.
لو بايع الحسين(ع) يزيداً أو داهنه في أفعاله لما بقي أثر للإسلام والقرآن والحق، فأي حق يطالب به الناس بعد أن بايع المسؤول الأول عن المهمة الكبرى، مهمة حفظ الدين وأهله.
وأكثر من ذلك فإننا نعتقد بأن الإمام الحسين(ع) لم يفكر يوماً بأن يقدم تنازلات ولو بمقدار ذرة على حساب الدين أو على حساب كرامته الشخصية.
وأما قوله(ع):ومثلي لا يبايع مثله: فيمكن حمله على جميع معانيه، أي سواء قصد بقوله(ومثلي) أي الإنسان، أو قصد به المعصوم، أو الخليفة، فمن كل الجوانب لا يليق بمثل الحسين العظيم أن يقدم تنازلات لمثل يزيد الوضيع والحقير.
إن المبايعة ليزيد من قبل الإمام تعني الدمار للأمة كلها، وزوال الدين من أساسه، وحدوث خلل كبير في نظام الإنسانية، لأن ممارسات يزيد لم تخالف الأديان السماوية فحسب، وإنما خالفت الموازين التكوينية للإنسان بما هو إنسان.
لأجل ذلك كله كان الموت أهون بمراتب من مداهنة يزيد، فالموت في هذا السبيل موت للأشخاص، ولكن المبايعة ليزيد تعني موت الأمة.
ولأجل ذلك قال(ع) الموت أولى من ركوب العار:
وَدَاعُ الْحُسَيْنِ(ع) لِقَبْرِ جَدِّهِ(ص)
لم يترك الإمام الحسين(ع) مدينة جده من دون أن يودعه لآخر مرة في حياته لأنه كان يدرك بأنها الزيارة الأخيرة لهذا القبر الشريف.
لقد ذهب إلى قبر جده ووقف أمامه وصلى ركعتين ثم دعا ربه بكلمات أنبأت عن معرفته لكل ما يحاط به، وأن الأمويين قد حكموا عليه بالموت هو ومن يناصره فقال(ع):أللهم هذا قبر نبيك وأنا ابن بنت نبيك، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت، أللهم إني أحب المعروف وأنكر المنكر، وأنا أسألك يا ذا الجلال والإكرام بحق القبر ومن فيه إلا ما اخترت لي ما هو لك رضى ولرسولك رضى:
بهذه الكلمات العظيمة والمؤثرة ودّع الإمام الحسين(ع) قبر جده الأعظم محمد(ص) وقد سجل تلك الشهادة العظيمة عند القبر الشريف ليكون شهيداً على القتلة يوم الحساب.
رُفَقَاءُ الإمَامِ الْحُسَيْنِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ
لقد خرج مع الإمام الحسين(ع) من أهل بيته سبة عشر شخصاً، وهم:
أبو بكر بن الإمام علي(ع)
أبو بكر بن الإمام الحسن(ع)
جعفر بن الإمام علي(ع)
جعفر بن عقيل
الحسن المثنى
زينب بنت علي(ع)
العباس بن علي(ع)
عبد الرحمن بن عقيل
عبد الله بن علي(ع)
عبد الله بن الحسن(ع)
عبد الله بن الحسين
عبد الله بن مسلم
علي الأكبر(ع)
عون بن عبد الله بن جعفر
القاسم بن الحسن
محمد بن أبي سعيد بن عقيل
محمد بن عبد الله بن جعفر
خَرِيْطَةُ مَسِيْرِ الْقَافِلَةِ مِنَ الْمَدِيْنَةِ حَتَّى مَكَّةَ ثُمَّ إِلَى كَرْبَلاء
لقد دامت الرحلة بضعة أشهر لأن المسافة بين المدينة ومكة تبلغ أكثر من أربعمائة وخمسين كيلو متراً، هذا بالإضافة إلى المحطات التي استوقفت الرحلة لأسباب كثيرة.
انطلق الموكب من المدينة المنورة حتى وصل بعد سفر طويل إلى مكة المكرمة، وهناك بدأ الإنطلاق الثاني باتجاه كربلاء، وقد خرج الإمام الحسين(ع) من مكة المكرمة في الثامن من شهر ذي الحجة سنة ستين للهجرة ووصل إلى كربلاء في أوائل شحر محرم الحرام من سنة واحد وستين هجرية.
جَوَاسِيْسُ يَزِيْدَ فِيْ مَكَّةَ
لقد بقي الإمام الحسين(ع) مدة في مكة المكرمة يمارس فيها عمله الرسالي كخليفة للمسلمين، ولم الحال على ما هو عليه لأن يزيد بن معاوية أرسل إلى مكة ثلاثين جاسوساً وأمرهم بقتل الإمام الحسين ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة.
ولم يبق هذا الأمر مجهولاً أو مكتوماً وإنما علم الإمام الحسين به فخاف أن تهتك حرمة البيت الحرام بقتله أمام الكعبة فقرر أن يخرج منها حفاظاً على مكانة البيت في قلوب الناس، فخرج منه في الثامن من ذي الحجة قاصداً الكوفة.
قَبْلَ مُغَادَرَةِ مَكَّة
لقد ألقى الحجة على المسلمين المتواجدين في الحرم وكان عددهم كبيراً وأخبرهم بنوايا يزيد وحثهم على الجهاد من اجل القضاء على الظلم، ولم تكن المسامع بأفضل من مسامع أهل المدينة حيث لم يستجب له سوى أفراد قليلين هم الذين رافقوه حتى آخر رمق من حياتهم المباركة.
بِدَايَةُ الرِّحْلَةِ نَحْوَ مَوْقِعِ الشَّهَادَة
وسار الموكب الطاهر أهله نحو أرض الشرف والكرامة، نحو أرض الجهاد والشهادة للقيام بالمهمة العظمى والثورة الكبرى تلبية لأمر الله بالجهاد والدفاع عن الحق وأهله.
لقد سار المؤمنون ووجوههم مبتسمة ونفوسهم فرحة بلقاء الله وهم مضرجون بدم الشهادة.
أما الذين تخلوا عن الحسين وتخلفوا عن موكب الحق فقد بقيت وجوههم مسودة كنفوسهم حتى أدركهم الموت الذي كان بالنسبة لهم أذل من الحياة الذليلة التي تحت حكم يزيد والتي فضلوا على فريضة الجهاد التي هي طريق العزة لله ورسوله وللمؤمنين.
وتحرك الموكب المبارك في شهر ذي الحجة وقد مر الموكب في مناطق عديدة حيث كان للإمام الحسين(ع) عدة مواقف في تلك القرى والمدن التي صادفت طريقهم نحو أرض الجهاد.
ولا بأس بأن نذكر تلك المناطق على وجه الإختصار حفاظاً على الفائدة والبحث في آن واحد، وسوف نذكر تلك المناطق بالتسلسل الجغرافي فنبدأ من مكة وصولاً إلى كلابلاء.
التَّنْعِيمُ الصّفَاحُ وَادِي الْعَقِيْق الْحَاجِرُ الخُزَيْمِيَّة زَرُوْد زُبَالَة بَطْنُ الْعَقَبَةِ شِرَاف ذُو حَسْمِي الْبَيْضَةُ عُذَيْبُ الهَجَّانَات قَصْرُ مُقَاتِل كَرْبَلاءُ
بعد مسير دام عدة أشهر وصل الموكب العظيم إلى موضع شهادة أهله وقد وصلوا إليها في أوائل شحر محرم عام 60 للهجرة.
وفي العاشر من شهر محرم الحرام عام واحد وستين للهجرة استشهد الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه دفاعاً عن الإسلام، وقد دفنت أجسادهم الطاهرة في ذلك المكان المبارك.