• القسم : النشاطات واللقاءات .
        • الموضوع : خطبة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب .

خطبة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب



أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مقر المجلس على طريق المطار وألقى خطبة الجمعة التي قال فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم،  الْحَمْدُ لِلّٰهِ خالِقِ الْخَلْقِ ، باسِطِ الرِّزْقِ ، فالِقِ الْإِصْباحِ ، ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ وَالْفَضْلِ وَالْإِنْعامِ، الَّذِي بَعُدَ فَلا يُرى، وَقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوىٰ، تَبارَكَ وَتَعالىٰ، الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مُنازِعٌ يُعادِلُهُ ، وَلَاٰ شَبِيهٌ يُشاكِلُهُ ، وَلَاٰ ظَهِيرٌ يُعاضِدُهُ ، قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الْأَعِزَّاءَ ، وَتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ الْعُظَماءُ ، فَبَلَغَ بِقُدْرَتِهِ مَا يَشاءُ.

الَّذِي رَزَقْتَنِي مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَأَرَيْتَنِي مِنْ قُدْرَتِكَ ، وَعَرَّفْتَنِي مِنْ إِجابَتِكَ ، فَصِرْتُ أَدْعُوكَ آمِناً، وَأَسْأَلُكَ مُسْتَأْنِساً لَاٰ خائِفاً وَلَاٰ وَجِلاً، مُدِلّاً عَلَيْكَ فِيما قَصَدْتُ فِيهِ إِلَيْكَ، فَإِنْ أَبْطَأَ عَنِّي عَتَبْتُ بِجَهْلِي عَلَيْكَ، وَلَعَلَّ الَّذِي أَبْطَأَ عَنِّي هُوَ خَيْرٌ لِي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الْأُمُورِ، وصلّ اللهم على محمد عبدك ورسولك ونبيك وصفيك ونجيبك وأمينك وحبيبك وصفوتك من خلقك وخليلك وخاصتك وخيرتك من بريتك.

 اللهم صلّ على محمد عبدك ورسولك الذي هديتنا به من الضلالة، وعلمتنا به من الجهالة، وبصرتنا به من العمى، وأقمتنا به على المحجة العظمى، وسبيل التقوى وكما أرشدتنا وأخرجتنا به من الغمرات إلى جميع الخيرات، وأنقذتنا به من شفا جرف الهلكات.

وعلى آله الابرار الاخيار الذين أمرت بمودتهم، فقلت (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) وطاعتهم، فقلت (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)، وجعلت حبهم إيماناً وبغضهم كفراً وعصياناً، والصلاة عليهم في الصلوات فرضاً لا تُقبل دونها، وحصرت علم تأويل القرآن وتفسيره بك وبهم، ووصفتهم بالراسخين بالعلم، فلا يؤخذ الا منهم فقلت: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)، (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا).

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): "انظروا أهل بيت نبيّكم، فالزموا سمتهم، واتّبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم من هدى، ولن يعيدوكم في ردى.

أيها الناس أوصيكم ونفسي بتقوى الله الذي إن قلتم سمع، وإن أضمرتم علم، وبادروا الموت الذي إن هربتم منه أدرككم، وإن أقمتم أخذكم، وإن نسيتموه ذكركم.

واذكروا الله الذي لا ينسى من ذكره و لا يخيب من دعاه، ولا يقطع رجاء من رجاه ، ولا يذل من والاه، والحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحسانا، وبالصبر نجاة، والحمد لله الذي هو ثقتنا حين تنقطع الحيل عنا، والحمد لله الذي هو رجاؤنا حين يسوء ظننا بأعمالنا، ويفتح باب الفرج من كل كرب بعد اليأس من كل سبب الا سببه..

 سيدي خاب رجاء من رجا سواك، وظفرت يدا من بحاجته ناجاك، وضل من العباد لكشف ضره  إلا إياك، أنت المؤمل في الشدة والرخاء، والمفزع في كل كربة وضراء، والمستجار به من كل فادحة ولأواء، لا يقنط من رحمتك إلا من تولى وكفر، ولا ييأس من روحك إلا من عصى وأصر، أنت وليي في الدنيا والآخرة، توفني مسلما وألحقني بالصالحين.

واعلموا انه ما من فرج الا بعد كرب، وما من يسر الا من بعد عسر، وسيجعل الله من بعد عسر يسراً، فإن بعد العسر يسراً، إن بعد العسر يسراً، وكِلوا اليه اموركم، هو مولاكم نعم المولى ونعم النصير، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً .

(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ).

 

 

ايها الاخوة

إنّ الصراع الذي يخوضه الغرب اليوم معنا، تَعدَّى أن يكون صراعاً أيديولوجياً. فقد افتقدت الأمة اليوم المشروع الايديولوجي الذي أصبح ايديولجيات اذا صحَّ التعبير، ومشاريع ايديولوجية تصل الى حد التناقض، واداة للفتنة يستخدمها الغرب لمزيد من التشرذم والاستضعاف، حتى اصبح له من الاقتدار والنفوذ ما مكَّنه من ايجاد مرجعيات داخلية، تَمكَّن من خلالها ابتداع مشاريع بإسم الإسلام، زادت من خطورة الانقسامات الطائفية والمذهبية والعرقية الداخلية الى مستوى الخطر الوجودي للأمة.

لذلك فالحرب التي يخوضها الغرب اليوم ضد هذه الأمة وشعوبها، تخطى الخطر على مشروعها الى الخطر على الوجود والبقاء، والبقاء لم يعد يُجدي اليوم الاختلاف على ماهية المشروع الذي سينتصر من بين المشاريع المتعارضة، لأنها تحوَّلت الى اداة تدميرية بدل ان تكون اداة للصحوة وبناء القوة ، واصبحت هي احدى اخطر وسائل القضاء على الامة نفسها، حيث اصبحت الايديولوجيا بإسم الاسلام كما أرادها الغرب، ايديولوجيا التكفير واستباحة الدماء والأعراض والأموال، وهي المرحلة التي مرت بها اوروبا وهيأت لمرحلة العلمنة والتنكّر للدين في اوروبا وتحنيطه قبل وضعه في متاحفها، وهو ما لن يتمكن العالم العربي والعالم الإسلامي حتى من العبور اليه، لأنه لن يكون في مقدورهما القيام بهذا التحول، لانهما لن يسمح لهما الغرب بالبقاء للقيام بهذا التحول، وسيصبحان في خبر كان، وهو ما لم يتعرض له الغرب لاختلاف الظروف وعدم وجود مشروع لقوة مناوئة يعرضها لهذا الخطر.

إنّ المطلوب اليوم من القوى الداخلية في العالم العربي والإسلامي، ليس تحقيق مشاريعها المختلفة حتى التناقض بإسم الاسلام بعناوينه المختلفة، وانما التراجع خطوة الى الوراء والدفاع عن وجود شعوبها ومصالحها ووحدة مجتمعاتها وشعوبها التي ان استطاع الغرب تفكيكها، فلن تجد محلاً لطرح مشاريعها. لذلك على الجميع حكومات وأحزاباً، ان يقفوا صفا واحدا للدفاع عن وجودهم ومصالحهم، والاكتفاء على الصعيد الداخلي بالمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية والحفاظ على دين الناس أخلاقاً وسلوكاً وعقائداً دون التصدي لأسلمة الحكم، وان يكون الان المشروع الوحيد الذي تتبناه الأمة، وتفكر في الطرق والاساليب التي تحفظ هذا الوجود من الضياع والاندثار.

ولبنان أولى من كل شعوب المنطقة في الاستفادة من الفرصة وأخذ المبادرة، لأنه الاكثر هشاشة من بينها، وكانت ازماته مدخل الشر على المنطقة التي استغلها العدو ايما استغلال، فليكن المدخل لقطع دابر الشر على نفسه أولاً، ومن ثم ومن خلاله على العالم العربي ثانياً، ولتكن الذكرى الخمسون للحرب الاهلية اللبنانية آخر حروبنا، ولنتعظ مما سبّبته من ويلات وخراب ودمار وارامل وايتام، ومجهولي مصير ما زالت عائلاتهم واحباؤهم يعيشون مرارة الالم حتى الآن، وليكن ذلك عبرة للجميع والخطر الوجودي الماثل امام اعيننا، دافعاً لتجاوز الاخطاء التي ما زال البعض للأسف بشعاراته وتحريضه يدفع نحوها، ويهيء لها الارضية لتشتعل عند اول شرارة.

ونأمل أن يكون العهد الجديد بقيادة فخامة رئيس الجمهورية وحكمة دولة رئيس مجلس النواب وتعاون رئيس الحكومة، وبانتهاج سياسة المصلحة الوطنية، نأمل ان نعبر هذه المرحلة بنجاح لتحقيق هذا الهدف.

ومن هنا فإننا نؤكد على ما قلناه وكرّرناه اكثر من مرة على تمسكنا بالدولة العادلة والقادرة التي تبعث الاطمئنان في نفوس شعبها على امنه واستقراره ومستقبله وسلمه الأهلي، والعيش بكرامة من دون تهديد اوتعريض للأخطار، وخصوصا من جانب العدو الاسرائيلي الذي ما زال يمارس الغطرسة والعدوان ويتعرص بالقصف والاغتيال للمواطنين، ويمنع أهل القرى من العودة اليها وإعادة إعمارها، وهو ما زال يرفض تطبيق الاتفاق ويحتل المزيد من الاراضي اللبنانية ويُعبّر عن اطماعه التاريخية في الوصول الى نهر الاولي، دونما رادع من الامم المتحدة والقوانين الدولية، بل يلقى الدعم من الولايات المتحدة بشكل واضح وصريح، ويُعبّر رئيسها دونما طلب من العدو عن رغبته وتأييده لضم الكيان الصهيوني للمزيد من الاراضي وحاجة الكيان للتوسعة.

لذلك فإن المصلحة الوطنية تستدعي مراعاة هذه الوقائع والتبصّر عند تناول موضوع حصرية السلاح بيد الدولة والاجهزة العسكرية والأمنية، الأمر الذي يتطلب بناء جيش قوي وقادر على مواجهة التهديد الوجودي الذي يمثله العدو، وما اثارته الاحداث في الساحل السوري من مخاوف في نفوس جميع اللبنانيين.

والمطلوب أولاً تمكين الجيش اللبناني عدةً وعديداً ما يبعث الاطمئنان في نفوس الشعب اللبناني، على قدرة القوى العسكرية والامنية للتصدي لهذه الاخطار. وعندها فقط نستطيع القول إن الدولة المطلوبة باتت حاضرة لرعاية أهلها وناسها وتحقيق أمنهم واستقرارهم، فلا يعودون بحاجة لحماية أنفسهم بأنفسهم وإقامة أمنهم الذاتي بسلاحهم.

ولا بدّ أخيراً وبمناسبة ذكرى استشهاد المرجع الكبير والفيلسوف والمفكر المبدع آية الله السيد الشهيد محمد باقر الصدر، الذي خدم الأمة فكراً ووجوداً من التعبير عن الأسى من حالة الأمة التي تقتل أبطالها وعلماءها ومفكريها وفقهاءها الذين عملوا على رفع شأنها وجعلها أمة تستحق الحياة.

  طباعة  | |  أخبر صديقك  | |  إضافة تعليق  | |  التاريخ : 2025/04/11  | |  القرّاء : 114



البحث :

جديد الموقع :


 خطبة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 الانتماء العصبي المذهبي / دراسة في الأسباب والآثار والحلول
 خطبة عيد الفطر لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 خطبة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 خطبة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 الشيخ أكرم بركات يوقع في المجلس الشيعي كتابه "شيعة لبنان الاجتماع الثقافي الدين 1900- 2022 "
 كلمة العلامة الخطيب خلال اللقاء العلمائي الذي أقيم في مقر المجلس - الحازمية بمناسبة 15 شعبان
 كلمة العلامة الخطيب خلال كلمة تأبينية في حسينية بلدة المروانية
 خطبة الجمعة لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب
 ندوة حوارية في المجلس الشيعي حول فكر الإمام شمس الدين: الخطيب وسلام وعبس ورحال يطرحون رؤية العالم الراحل

مواضيع متنوعة :


 نبذة عن حياة الإمام قبلان
 كلمة العلامة الخطيب خلال حفل تأبيتي في مدينة صور
 العلامة الخطيب يزور الخيام ويواكب العائدين إليها: اليوم إنكسر جبروت العدو إنتصارا لكل لبنان
 سِيْرَةُ الإِمَامِ مُحَمَّدٍ الجَوَاد (عليه السلام)
 العلامة الخطيب يرعى حفل توقيع كتاب "الى الشباب" في مقر الجامعة الاسلامية في لبنان
  سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب يستقبل مدير مؤسسة رواد للتنمية والإعلام الشيخ حسين الكعبي
 العلامة الخطيب يستقبل وفد حركة الجهاد الإسلامي
 المناسبات الدينية
 سِيْرَةُ الإِمَامِ مُوْسَى الكَاظِم (عليه السلام)
 العلامة الخطيب يستقبل الرئيس العالمي للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم عباس فواز على رأس وفد

إحصاءات :

  • الأقسام : 21
  • المواضيع : 119
  • التصفحات : 370391
  • التاريخ :
 
 
الموقع بإشراف : مركز الدراسات والتوثيق © في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى - لبنان
تصميم، برمجة وإستضافة :
الأنوار الخمسة © Anwar5.Net