
دعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب المسؤولين اللبنانيين إلى أن "يتفقوا في هذه الظروف الصعبة على انتخاب رئيس للجمهورية، ومن ثم إحياء كل المؤسسات الدستورية، للحفاظ على لبنان وعلى مصالح الللبنانيين جميعاً".
جاء ذلك خلال رعايته احتفال تأبيني في قاعة مسجد المصطفى في بعلبك للمغترب علي محمد يحفوفي، بحضور الوزير السابق الدكتور حمد حسن، وفاعليات دينية وقضائية وسياسية واجتماعية.
وقال الخطيب: "الفقيد لم يكن سائحا، بل هو مثل الكثير من أبنائنا الذين هاجروا إلى أطراف العالم، بل كان مجاهدا، فالجهاد واحد منه حمل السلاح والوقوف بوجه العدو الذي يريد ان ينتقص من كرامة الوطن والمواطنين، وواحد يجاهد في سبيل أن يوسع على نفسه وعياله وبلده، ويكون أحد المساهمين في نهضة بلده. لقد كان للمهجر وللمهاجرين الفضل الكبير على لبنان وعلى شعبه وخصوصا في هذه الظروف التي مر فيها لبنان، في إمداد أهلهم ووطنهم بما منّ به عليهم الله من نعم، فاستطاعوا ان يقفوا في وجه مؤامرة الحصار والتجويع، ومؤامرة الحرب والعدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان كما على غزة والضفة الغربية".
ورأى أن 'المهاجرين هم الجناح الآخر والجيش الآخر للبنان، فإن كانت المقاومة التي امتشقت السلاح هي التي دافعت عن شعبها وكرامة بلدها وحررت أرضها وردعت العدو من انتهاك سيادة لبنان وامتهان كرامة اللبنانيين، فإن مقاومة المهاجرين هي أحد الأركان الأساسية التي منعت انهيار لبنان".
وتابع: "العدو يريد للبنان وشعبه أن يستكين ولبيئة مقاومته ان تتخلى عن هذه المقاومة، لأنها الوجه المنير في هذا الشرق، أمام ظلم الغرب وقساوته ووحشيته في كيفية التعامل مع البشر والإنسان. الصورة الحقيقيه للغرب هي ما يحصل في غزة اليوم من دمار وخراب وقتل وقصف حيث يموت الأطفال والنساء والناس تحت أسقف بيوتهم دون أن يرف للعالم جفن. حتى الآن هناك ما يقارب 70 ألفا بين شهيد وجريح، والولايات المتحدة الأميركية تقول لم يتبين لنا بأن الإسرائيليين يقتلون مدنيين! هل هناك أكثر من عملية "الإستحمار" هذه للعالم؟ ولكن ما نراه اليوم من مظاهرات، ومن قيام للشعوب التي كانت مغفلة، واطلعت على الحقائق فيما يحصل على أرض غزة والضفة الغربية وفلسطين، كشف الحقيقه لشعوب العالم، حتى لشعوب الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من دول الغرب المتآمرة على شعوبنا وشعوب العالم. نحن اليوم نخوض هذه المعركة، التي هي في الواقع معركة إنسانية وليست معركه فلسطين والشعب الفلسطيني، لأن ما يقتل في فلسطين ليست الأرواح البريئة فقط، وإنما تقتل القيم الانسانية في غزة وفي جنوب لبنان".
وأضاف: "الشعب الفلسطيني الشجاع أخذ قراره في مواجهة هذا العدو المحتل، إما أن يعيش حرا، وإما أن يستشهد حرا، ولكن كما وعد الله سبحانه وتعالى الذين يقفون إلى جانب الحق ويقاتلون مع الحق أن النصر لهم، وفي هذه المعركة مع الاستكبار العالمي، مع العالم الذي يسمونه زورا حرا، سيكتب النصر للأحرار الصابرين والمضحين، ولمن هم على طريق الحق، الذين يدافعون عن شرفهم وكرامتهم وعن القيم الإنسانية التي تنتهك في كل لحظة من اللحظات في هذا العالم القاسي. ونحن في لبنان لم نوفر جهدا في كل ما مضى في مواجهة هذا العدوان، واستطعنا بفضل الله، وقوة شعبنا الذي نبتت هذه المقاومة في أرضه، واحتضنها شعبنا ووقف الى جانبها، وصبر على دفع الأثمان الكبيرة حتى استطاع أن يحرر أرضه وأن يصنع معادلة الردع في مواجهة هذا العدو حتى لا يستسهل الاعتداء على لبنان. وها هو اليوم كما ترون المقاومة تواجهه على الحدود وتقصف مواقعه ومراكزه التجسسية، مواقع الرادارات والتجسس، بكل قوة واسرائيل تقف عاجزة امام هذه المقاومة".
واعتبر أن "لا سبيل لنا وللعالم العربي والإسلامي غير طريق المقاومة، فقد جرب العرب الطرق الأخرى حينما انكفأوا عن حمل السلاح ومواجهة إسرائيل، فإلى أين أوصلتنا وأوصلت والعرب اتفاقيات الإستسلام؟ العدو لم ينفذ أي بند من بنود اتفاقياته التي عقدها مع الفلسطينيين والعرب. أما المقاومة فقد حررت الأرض، واستطاعت أن تردع العدو الإسرائيلي من أن يعتدي على لبنان".
وأشار إلى أن"الإمام السيد موسى الصدر أسس المقاومة التي سلكنا طريقها، وردا على من يقول بأن المقاومة هي خارج الجيش وخارج الدولة، وهذا مناف للسيادة وللوطن، فقد اقترح الإمام الصدر أنصار الجيش، تحت قيادة الجيش، للدفاع عن لبنان، ولكنهم لم يقبلوا باقتراحه، وعندما اجتاحت إسرائيل لبنان جميعا عام 1982 من كان سيحرر لبنان من الإحتلال الإسرائيلي، هم عجزوا عن منع إسرائيل من اجتياح لبنان، بينما المقاومة ردت للبنان وللبنانيين حميعا، وليس لطائفة ولا للشيعة، وإنما ردت للبنانيين جميعاً كرامتهم وحمت لهم وطنهم، وأمنت لهم أمنهم والأرضية اللازمة للإستثمارات وللتنمية.
أما أنتم أيها المسؤولون في الدولة وأيها السياسيون ماذا استفدتم من الأجواء التي هيأتها المقاومة للإستثمار ولتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للبنان؟ لقد فرطتم بكل شيء، فلا تنمية ولا اقتصاد، وبعد كل ذلك فرطتم بأموال المودعين في البنوك اللبنانية. لا يمكن لنا القبول بأي برنامج حكومي يسعى إلى إنهاء حقوق المودعين لصالح البنوك أو لصالح الدولة، المودعون أولا، وهذه مسؤوليتكم".
وأردف: "أيها القوى السياسية نريد أن نرى منكم إنجازا واحدا، المقاومة حققت كل هذه الإنجازات، وما زال البعض يردد هجومه على المقاومة وعلى السلاح الذي هو للبنان ، لا خوف من هذا السلاح، لأنه ليس للداخل، بل هو لمواجهة العدو الإسرائيلي ولحماية لبنان. ماذا فعل مجلس الأمن للبنان، وماذا فعل لغزة وفلسطين، مجلس الأمن هو لمصلحة الطغاة والدول الكبرى وليس لمصلحة الشعوب. تأتي الوفود من الخارج لتضغط على لبنان لتنزع او لتعطل سلاحه، ليستطيع الإسرائيلي أن يأخذ حريته ومجاله في ضرب الفلسطينيين والقضاء على القضية الفلسطينية".
وختم الخطيب: "مصلحتنا هي في أن نكون معا، في وحدتنا وأمام مقاومتنا التي هي ليست طائفية وبرنامجها ليس طائفيا، بل هي لمصلحة اللبنانيين جميعا. ونحن مع استراتيجية دفاعية، ولكن كما ترون لا رئيس جمهورية، لا مجلس وزراء، والآن هناك أخذ ورد في موضوع التمديد لقائد الجيش، ويمكن أن يسري الفراغ إلى قيادة الجيش في هذه الظروف الصعبة، وهذه واحدة من المؤامرات التي يتعرض إليها لبنان. لقد بات واضحا في هذه الصفحة كلها هو إنجاز المقاومة التي حررت الأرض وتقف في وجه العدو الاسرائيلي، وتمنعه اليوم من أن يستفرد في غزة لأن الساحة هنا وساحة غزة هي واحدة، وحينما ينتهون من غزة، سيبدأون في لبنان مرة جديدة. ان هذه البوارج التي استقدموها إلى حدودنا المقصود بها مشروع كبير جدا هو حماية إسرائيل، لكي تعود إسرائيل قوة كبرى في هذه المنطقة، هي التي تأمر وتنهى".