بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيل رئيس مذهب أهل البيت (ع) في سوريا آية الله سماحة السيد علي السيد حسين مكي العاملي الدمشقي(قده)، أقام المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى وعائلة العلامة الراحل احتفالاً تأبينياً في مقر المجلس طريق المطار، حضره حشد من علماء الدين وممثلي المرجعيات الدينية وشخصيات وفعاليات سياسية ونيابية ودبلوماسية و اجتماعية وتربوية واعلامية ومواطنون.

وبعد تلاوة اي من الذكر الحكيم للقارئ أحمد المقداد، عرّف بالحفل د.جهاد سعد فقال:
عن أمير المؤمنين عليه السلام ": العالم حي وإن كان ميتا والجاهل ميت وإن كان حيا".
وعن الرضا عليه السلام يقال للفقيه: يا أيها الكافل لأيتام آل محمد، الهادي لضعفاء محبيهم ومواليهم قف حتى يشفع لك من أخذ عنك أو تعلم منك".
ونحن اليوم في حضرة عالم حي، وكافل أمين لأيتام آل محمد ، قضى عمره الشريف، عالما عاملاً، ناهلا من ينابيع حكمة آل البيت عليهم السلام في النجف الأشرف حتى حظي بثقة المرجع الكبير السيد محسن الحكيم قدس سره فكان وكيلا له على مدينة الصويرة بالعراق. واستمرت علاقته الوثيقة بالمرجع السيد أبو القاسم الخوئي بعد وفاة السيد الحكيم.
وقد كان انتقاله إلى دمشق بعد وفاة والده السيد حسين رضوان الله عليه سنة 1977، فسكن في حي الأمين، وتابع شؤون الطائفة من التبليغ والتدريس والفصل في الخلافات ورعاية المدراس والجمعيات الاجتماعية وغيرها...
وما أدراك ما حي الأمين ، فمن الشهيد الأول إلى الشهيد الثاني إلى السيد محسن الأمين : "كانت اللمعة دمشقية"، وكان العلم الصارم، وروح توحيد الأمة، والإخلاص في الخدمة تعبر الحدود من جبل عامل إلى سوريا، لقد كانت العلاقة بين سماحة آية الله الشيخ عبد الأمير قبلان قدس سره والعلامة الفقيد السيد علي مكي ، علاقة تعاون وثيق لمصلحة الإسلام وأتباع مدرسة آل البيت عليهم السلام في سوريا ولبنان، وتخبرنا التفاصيل عن مستوى الإخلاص في الخدمة والمبادرة والعلم والعمل كما هو شأن علمائنا الكبار.

كلمة العلامة الخطيب
وألقى نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب كلمة استهلها بالقول : أعظم الله أجورنا أجوركم بارتحال سماحة آية الله العالم المجاهد السيد علي مكي الذي قضى حياته الشريفة في العلم في التدريس في لبنان أولا ثم بعد هجرته لمتابعة درسه في النجف الأشرف على يد كبار مراجعها ورعايته لشؤون الطلاب اللبنانيين، ولقد كنت واحداً منهم، في التوجيه وفي العناية لأحوالهم وأوضاعهم وحثّهم على الاهتمام بالدرس والتحصيل في هذه السنوات والتي يمكن أن لا يتاح لهم في المستقبل نتيجة الأوضاع في العراق والنظام العراقي الذي مارس على سيرة من سبقه من الذين حكموا العراق من الظلم والعدوان ، ومحاربة هذا الخط ،خط أئمة أهل البيت (ع) وملاحقته للعلماء والطلاب وسجن المجاهدين من المؤمنين سجناً وتعذيباً وإعداماً، لذلك كان يقول أن الفرصة الآن متاحة رغم أن الظروف أيضاً في هذا الوقت لم تكن على ما يرام الوضع الأمني الطلاب دائما في حالة من القلق والخوف من ملاحقة الأمن والتتبع، في هذه الفترة كان هذا دوره، دور المعلم و المرشد و الموجّه، ثم تطورت الأوضاع في العراق سوءاً ورُحّل من رُحّل وسُجن من سُجن واعتُقل من اعتُتقل، وأتى إلى سوريا ومارس دوره استمراراً لدور والده آية الله العلامة الكبير السيد حسين مكي العاملي رضوان الله تعالى عليه الذي كان أيضاً استمراراً لدور آية الله العظمى السيد محسن الأمين رضوان الله تعالى عليه، فكانت هي سيرة متوالية كلما غاب قمر جاء قمر آخر، ومارس واجباته في التبليغ والتعليم والإرشاد وكان نِعم العالم العارف بزمانه الذي يُقدّر كيف تكون المواقف والتصرف في سوريا البلد العربي الإسلامي .
المهم في ظروف معقدة كان يديرها بحكمة وبعلاقات موثّقة مع سائر أبناء سوريا ، وخصوصا مع أهلنا وإخواننا من علماء دمشق من علماء السنة وشعب سوريا الشقيق بدراية دقيقة، وكانت العلاقات في كل هذه الفترة مستقرة وعلى أساس الوحدة الإسلامية وعلى أساس الوحدة الوطنية في سوريا، كما هو ديدن علمائنا أن لا يكون موضوع العلاقات العامة قائم على أساس مذهبي وعلى أساس طائفي وإنما على أساس وحدة الأمة و وحدة الكيانات وشعوبها الداخلية وعلى عدم السماح للعدو بإيجاد الفتن الداخلية واللاستقرار في داخل دولنا لأنه سيكون على حساب مستقبل شعوبنا ودولنا ولصالح العدو الإسرائيلي ومن يتربّص بنا شراً، و جاءت الفتنة البغيضة واضطر إلى المجيء الى لبنان ثم توفي في أثناء الحرب التي لم تسعفنا في أن نقوم بواجبه في تشييعه كما يجب علينا أن نشيّع العلماء، وكم كنت أحب أن يكون دُفن في بلده ولكن الظروف لم تكن تسمح أو في أي مكان في لبنان لأن أمثال هؤلاء العلماء والمجتهدين الكبار هم الذين يرسّخون أهلنا في هذه الأرض ويعمرونها بتاريخهم العلمي المجيد. رضوان الله تعالى عليه وإلى روحه وأرواح علمائنا الماضين والشهداء الفاتحة.

وتابع العلامة الخطيب....نحن اليوم خصوصاً بعد ما جرى في سوريا نؤكد على هذا الدور ، دور العلاقة الوطيدة مع أهلنا في سوريا مع شعب سوريا الشقيق إخواننا ومن كل الطوائف، كما نحرص على علاقاتنا الداخلية في لبنان مع كل الطوائف مسيحيين ومسلمين، لكن في سوريا بالخصوص مع إخواننا من أهل السنة الذين نحن وإياهم في مركب واحد في مواجهة الغرب المتغطرس وسياسة الاستعمار وسياسة القهر والقتل التي يمارسها العدو الإسرائيلي ومن خلفه.
إننا نؤكّد مجدداً كما أكدنا سابقاً على وحدة الشعب السوري وعلى وحدة الأراضي السورية وعلى حسن العلاقات بين لبنان وبين سوريا وعلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية وعلى حسن الجوار، وأن بيننا وبين الشعب السوري أهداف مشتركة وعدو مشترك، عدونا وعدو الشعب السوري واحد هو العدو الإسرائيلي الذي ما زال يمارس الغطرسة والعدوان والاحتلال، ويحتل المزيد من الأرض في سوريا إلى أن وصل إلى أبواب دمشق ويمارس القتل والخطف والقصف لمقدّرات سوريا وتدميرها، فنحن والشعب السوري معاً نتعرض لعدوان واحد، وليس هناك أعداء داخل الأمة ولا ينبغي أن يكون لا بين شعوبها ولا بين دولها، هي شعوب واحدة يربطها التاريخ وتربطها العقيدة وتربطها الثقافة وكل أنواع الروابط، والصلة هي موجودة بيننا وبين إخواننا الشعب السوري، ونتأمل أن ينتهي هذا الماضي إلى ما هو في صالح بلدينا وفي صالح أمتنا وأن تكون هناك العلاقات والأوضاع الداخلية في كل بلداننا مستقرة، وأن لا يكون هناك مشكلة وأن لا نختلق مشاكل لا أساس لها وأن نتلهى بها لأن الذي يستفيد منها هو العدو الإسرائيلي الذي يقتل ويبيد الشعب الفلسطيني.
في الموضوع الفلسطيني، فإننا نحيي الشعب الفلسطيني ونحيي بطولة هذا الشعب وصبره وجلده وقدرته البطولية في مواجهة هذا العدوان الهمجي الوحشي الذي ليس له حدود والذي يتجاوز كل الحدود والقوانين والأعراف الدولية وليس عنده محرم في ممارسة العدوان ويتجاوز كل الخطوط، لا أخلاق لا دين لا أعراف لا قوانين دولية كل ذلك ضربه بعرض الحائط والعالم يتفرّج عليه وهو يقتل الأطفال والنساء والعجزة، لم يترك منكراً إلا وفعله وهذا يمثّل حقيقة هذا العدو الإسرائيلي، فالعدو الواحد هو العدو الإسرائيلي الذي ترونه كيف يفعل مع سوريا وكيف يفعل مع الفلسطينيين وكيف يفعل مع اللبنانيين، إذا عدونا واحد فلماذا نخترع أعداء فيما بيننا، لنُشتت جهودنا ونخترع أعداء داخليين ونغطي على عداوة هذا العدو؟
ان الذي رأيناه أمس بموضوع وقف اطلاق النار وخطابات الرئيس الأمريكي والاستعراضات في الكينسيت الإسرائيلي وفي شرم الشيخ هي استعراضات للقوة وللعنجهية وللبطولات الفارغة، وهي عملية قلب للحقائق والوقائع في الوقت الذي انتصر فيه الشعب الفلسطيني بإفشاله لأهداف العدو الإسرائيلي، ولو كان العدو الإسرائيلي قادراً على أن يأخذ الفرصة ويقضي على المقاومة في غزة لفعل ولما احتاج إلى تدخل الرئيس الأمريكي كي يوقف الحرب، لكنه لم يقدر فكان تدخل الرئيس الأمريكي في الواقع من أجل انقاذ إسرائيل ومن أجل إنقاذ نتنياهو، لذلك هذه الاستعراضات والعنجهيات هي تغطية على الفشل وهي قلب للحقائق ويريد أن يزرع في رؤوس شعوبنا أن القوة الأمريكية هي قوة قاهرة غير قابلة للمواجهة وأن على جميع الاستسلام، هذه هي الرسالة، لكن شعوبنا الحمد لله ترى بعينيها وعاشت هذه الفترة رغم هذه الوحشية ورغم التدخل الأمريكي المباشر في هذه الحرب وغير الأمريكي فانقلب السحر على الساحر، هذه هي الرسالة التي أرادوا أن يوصلها الرئيس الأمريكي وأن يعوّض عن خسارة إسرائيل بهذا الاستعراض ليقول أنه سوف يكون هناك سلام دائم، أي سلام هذا الذي بالقوة؟.
إننا نحيي شعبنا الفلسطيني ونحيي شهداءه ونحيي نساءه ورجاله وأبطاله، ونقف الى جانبه في هذه المرحلة من مراحل الصراع حتى يتحقّق المطلب للشعب الفلسطيني وشعوبنا في مواجهة الاحتلال، وهي نفس الطريقة التي عُومل بها شعبنا في لبنان لتكريس أن هناك هزيمة للبيئة وهزيمة للمقاومة وهزيمة لشعبنا، والآن وعبر عدة محطات تبين من المهزوم، لسنا نحن المهزومين ، العدو الذي هُزم، وأن شعبنا يعبّر عن إرادته بتعبيرات مختلفة سواء في تشييع سماحة السيد حسن أو في الذكرى السنوية التي حضرناها بالقرب من ضريحه أو أمس في المدينة الرياضية التي هي تعبير عن إرادة شعبنا جميعاً وقوانا جميعاً التي شارك فيها كل الناس، لم يكن فقط حزب الله هو الموجود حركة أمل كانت موجودة، الناس كانوا موجودين في هذه المشاركة يعبّرون فيها عن أن هذه البيئة جميعاً موحدة ، وستبقى موحدة رغم كل محاولات الفصل بين هذه البيئة وقوى هذه البيئة. اسأل الله سبحانه وتعالى ان يتغمد شهداءنا بواسع رحمته. وأن يتغمد سيدنا آية الله السيد علي حسين مكي العالم المجتهد و أن يتغمده مع آبائه الطاهرين بواسع رحمته وأن يرزقه ويرزقنا شفاعتهم.

كلمة المفتي قبلان
وألقى المفتي الجعفري الممتاز سماحة الشيخ أحمد قبلان كلمة قال فيه:سواءً بدأنا من قوله تعالى {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا}، أو من قوله {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}، أو من قوله {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}.
فإننا نجد أنفسنا أمام طبقة أهل العلم وقيمتها المعوّل عليها عند الله ونبيّه(ص) وأهل بيته(ع).
وهذا ما يضعنا أمام شخصية فقهية وقيادية واجتماعية وتربوية أمثال آية الله السيد علي السيد حسين يوسف مكي العاملي الدمشقي والذي احتل مرتبة رئيس مذهب أهل البيت (ع) في سوريا؛ شخصية ساهمت بإنتاج عقل وثقافة البيئة السورية وما يلزم بعالم الفقه والعقيدة والحوار الديني والمجتمعي، سيّما في العاصمة دمشق وريفها. وسماحة السيد علي مكي عامليّ المولد والنشأة، عراقي المهجر والمدرسة والطاقة الفكرية والفقهية التي لا تنفصل عن طاقة علماء جبل عامل، والتي عبرها زاد من زخم المدرسة العاملية التي ساهمت بالإنتاج العلمي والقدرة الصناعية للدليل والفكر المجتمعي والعقَدي أينما حلّت وارتحلت.
في ذكراه نذكر إخوانه وزملاءه وصحبته المتينة سيما سماحة الشيخ عبد الأمير وسماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين وغيرهم الذين حملوا تراث المدرسة النجفية وقيمتها وصلاً على آبائهم وأجدادهم العامليين، وهنا تكمن قيمتُهم لأنهم كانوا على صلة بالدور والوظيفة الفقهية الاجتماعية للشيعة بل للمسلمين كافة أينما حلّوا أو وُجدوا، وهذا ما يجمعهم بالإمام السيد موسى الصدر الذي شكّل ريادة فكرية وبنية إصلاحية وقراءة مجتمعية قلَّ مثيلها انطلاقاً من قول الله سبحانه وتعالى: (إن الدين عند الله الإسلام)، كضامن ربّاني لعالم التعددية والتنوّع وعالمية شِرعة (إنا أرسلناك رحمة للعالمين) جواباً منهم للفرد والجماعة والاجتماع المدني والدولي والتعددي وما في ذلك العالم وطبقاته الزمنية والمكانية والأحوالية من تنوّع واختلاف وثقافات وحضارات وملل وتقاليد وأعراف تُلزِم هذه الطبقة الفقهية بالإجابة الضامنة من معدن الرسالة المحمدية التي بعثها الله رحمةً للعالمين, لا على مستوى الوصايا والتعاليم فقط، بل على مستوى الضامن السلوكي للفرد والجماعة والمرافق المختلفة، وهنا تكمن قيمة التجديد الفقهي على الأصل، لا التجديد قبالة الأصل.
وبالعودة إلى سماحة السيد علي مكي الذي خاض تجربته الفقهية والقيادية والمجتمعية انطلاقاً من حي الأمين وسائر دمشق وسوريا، وهذا يفترض عليه ليس إبداء الفتوى وبيان التعاليم فحسب، بل امتهان الأدلة على موضوعاتها، وما يلزم من قيم سلوكية وقضايا مجتمعية تعكس قدرته العلمية التنافسية في البيئة السورية الفكرية والحضارية والمجتمعية المتنوعة. كل ذلك وسط عالم يتغيّر بسرعة، ويفرض شروطاً معقدة على البيئة المتديّنة والأجيال الوطنية الريادية، بيئةٍ لها تاريخها على بيئات التاريخ الماضي، وما في ذلك التاريخ من مخاضات كبيرة وجدلية، وذلك بسعة مخاضات حاضرة دمشق وواقعها المتحوّل منذ زمن السلطة الأموية ثم العباسية ثم الطولونية ثم الإخشيدية ثمّ الخلافة الفاطمية ثم السلجوقية ثم الزنكية ثم الأيوبية ثم المملوكية ثم العثمانية، وما كان فيها من اختلاف وتنوّع فقهي وفتاوى وصل بعضها إلى حدّ السقوط بفتاوى التكفير والمذابح. ثم ما تلاها من انتداب فرنسي بريطاني ثم ظروف تكوين الدولة السورية، وما صاحبها من حوادث تاريخية وتيارات جدلية، كلّها أثّرت على الوظيفة الفقهية والقيادية لأقطاب وفقهاء وقيادات دينية وفكرية كان من آخرهم سماحة السيد علي مكي الذي ارتحل عن هذه الدنيا في أوج الحرب على لبنان والمنطقة، وعينُه على دمشق وما يلزم لها وعليها وسط أمة تعاني من التمزّق والفرقة والخصومات.
واللحظة اليوم إنقاذية، لأن ما طرأ بعد الأزمة السورية يحتاج الى علاج وأجوبة تليق بالفترة الحرجة التي يمر بها عالمنا العربي ومنه سوريا خصوصاً، لأن سوريا عقدة إقليمية شديدة الحضور والتأثير بالتاريخ المعاصر لمنطقتنا، ولا بدّ من جواب فكري وفقهي، ولا بدّ من هندسة استراتيجية سياسية ومجتمعية لهذه اللحظة التاريخية من عمر سوريا ولبنان وسائر المنطقة.
أما بخصوص وضع البلد والمنطقة، فما قام به ترامب بالكنيست الإسرائيلي وشرم الشيخ ما هو إلا عبارة عن إعلان انتصار مبكر، ونحن لا نهوّن من واقع الحال، لكن المحسوم أنه لا تحولات جذرية في الشرق الأوسط، ومن عجز عن غزّة هو أعجز عن تغيير الشرق الأوسط، وترامب لم يأتِ بالمفاتيح، بل جاء ليغلق الأبواب، وما حصل نهاية حرب، لا نهاية صراع، وهذا الكلام برسم المسؤولين اللبنانيين الرسميين، لأن أي خطأ يتعلّق بخيار التفاوض يضعنا أمام كارثة وطنية مع عدوّ جوهره الخيانة والغدر والإرهاب، ولسنا ممن يبيع وطنه بالماء والملح، وحين نختزل لبنان بمقعد مع سرطان مطلق ينتهي لبنان.
ولا نريد للسلطة أن تفقد عقيدتها، والذي خاض غمار التضحيات السيادية ليمنع أي اجتياح للبنان من الخارج أيضاً سيخوض غمار الكفاح الوطني الشامل ليمنع انتحار لبنان من الداخل.
رحم الله آية الله الفقيه العلامة سماحة السيد علي السيد حسين مكي بكل ما تعنيه الرحمة على أمثاله، والذي قضى عمره كله بخدمة مذهب العترة الطاهرة لمحمد وآل محمد(ع).
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ هذه الأمة وأن ينتشلها مما هي فيه من التيه الأمرّ، وهذا يتوقّف بغالبه الأعظم على الفكر السياسي والفقهي والمجتمعي، وما يلزم من الحوار والمصالحة والمصارحة والشراكات الفقهية والمكاشفات الوحدوية بين علماء أهل الإسلام لتكوين قوة علمائية قادرة على إنتاج وجه الأمة العربية والإسلامية من جديد.
وفي الختام تلا مجلس عزاء الخطيب السيد نصرات قشاقش.
|